الدكتور حنا عيسى:

كما هو معلوم فإن إسرائيل عشية دخولها للأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية، القدس الشرقية، قطاع غزة) سنة 1967م أصدرت ثلاث بلاغات عسكرية:-

الأول: دخول الجيش.

الثاني: تولي قائد المنطقة السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية.

الثالث: إنشاء المحاكم العسكرية ورجالاتها.

واشارت البلاغات ان اسرائيل تعتزم تطبيق مواد معاهدات جنيف لسنة 1949م والتي وقعت عليها سابقاً، فالمادة 35 من البلاغ العسكري اشارت الى انه ينبغي على المحكمة العسكرية ورجالها تطبيق احكام معاهدة جنيف المؤرخة في 12 / آب / 1949م بخصوص حماية المدنيين زمن الحرب بصدد كل ما يتعلق بالاجراءات القضائية، واذا وجد تناقض بين هذا الأمر وبين المعاهدة فتكون الافضلية لاحكام المعاهدة.

إلا أن إسرائيل اوقفت سريان المادة 35 بموجب الامر 107 بتاريخ 11/10/1967م في قطاع غزة والامر الثاني 144 بتاريخ 23/11/1967م بالضفة الغربية بحجة ان اتفاقية جنيف لا تتمتع بالافضلية والسمو والعلو على القانون الاسرائيلي.

وموقف الأمم المتحدة بشأن انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة كان واضحاً منذ سنة 1967، باعتبار إسرائيل دولة محتلة لهذه الأراضي ولم تسلم بالمبررات الإسرائيلية ولم تقف عندها مثل: "فراغ السيادة والغزو الدفاعي بان ذلك يتضح من موقف مجلس الأمن الدولي، وذلك في القرار 242 سنة 1967 والذي يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتم تأكيد هذا القرار في القرار 338 لعام 1973 الذي دعا إلى تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 القاضي بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة وقرار  مجلس الأمن رقم1322 بتاريخ 7/10/2000 قد شجب أعمال العنف والاستخدام المفرط للقوة من جانب القوات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، ودعا إسرائيل كقوة محتلة إلى الالتزام المطلق بالتزاماتها القانونية ومسؤولياتها المنصوص عليها في اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949، والمتعلقة بحماية المدنيين في وقت الحرب. وقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات عديدة أكدت فيها بان اتفاقية جنيف الرابعة تسري على الأراضي الفلسطينية المحتلة وأدانت هذه القرارات الانتهاكات الإسرائيلية والخروقات الجسيمة لهذه الاتفاقية.

ولعل أهم هذه القرارات قرار الجمعية العامة رقم 43/58 بتاريخ 6/12/1988 والقرار رقم 44/48 بتاريخ 8/1/1989 اللذان اعتبرا حالات الخرق الخطيرة لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987-1993)، جرائم حرب وإهانة للإنسانية.

ان لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة اتخذت قرار بتاريخ 19/10/2000 يدين إسرائيل ويؤكد على وجوب التزامها كقوة محتلة باتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول الملحق بها لعام 1977.

ان الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة هي من قبيل جرائم الحرب، جرائم ضد الإنسانية أولا، وان كافة المناطق الفلسطينية برمتها ما زالت حسب القانون الدولي خاضعة للاحتلال الإسرائيلي ثانياً.

لذا بموجب المادة 42 من لائحة لاهاي لسنة 1907 فان الأراضي الفلسطينية تخضع لحالة احتلال حربي، يترتب عليه انطباق اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 الخاصة بحماية المدنيين زمن الحرب .. إلا أن إسرائيل لا تسلم لهذا الموقف وتتنكر لانطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة تهرباً من المسؤولية الدولية لخروقاتها المستمرة لأحكام هذه الاتفاقية.