أحمــد النـــداف

وأخيراً أوضح رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، عن الوجه الحقيقي للمفاوضات مع الطرف الفلسطيني، التي حولّها وبكل بساطة الى مضيعة للوقت، وطريقة لممارسة الضغط على الفلسطينيين واجبارهم على تقديم التنازلات الواحدة تلو الأخرى، حتى اضحت القضية الفلسطينية وقضية الشعب الفلسطيني وحقوقه وثوابته ومطالبه العادلة مجرد "اوهام". ممنوع حتى التفكير أو الحلم بها. الاعلان عن عدم استئناف الجولة الحالية من المفاوضات قبل الموافقة الفلسطينية على "يهودية اسرائيل" والتنازل النهائي عن حق العودة.

هذا الاعلان الذي اضاف انسداداً آخر، أمام التسوية "التاريخية" المزعومة حتى تلك التي مازال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، يسعى للتوصل اليها من خلال التوصل الى اعلان "اتفاق اطار" يرضي ويؤمن اهداف اسرائيل، مقابل ممارسة أعلى درجات الضغط على القيادة الفلسطينية. ان استمرار هذه الضغوطات وبهذه الطريقة السافرة ستؤدي الى حشر الشعب الفلسطيني في الزاوية الحادة، والذي سيجد نفسه مضطراً الى اتباع طرق وممارسات جديدة، لن تقتصر اثارها على الوضع الفلسطيني والاسرائيلي وحسب بل ستطال كل المنطقة وحتى الأمن والاستقرار الدولي، في حال انفجار غضبه الشعبي خصوصاً بعد ادراكه بان اعلان رئيس الحكومة الاسرائيلي الأخير بخصوص "يهودية اسرائيل" وحق العودة بأنه يعني القضاء على كل الحقوق الوطنية الثابتة وشطب قضيته وثوابته وسحبها من التداول العالمي وبالتالي تحويله من شعب له حقوق مغتصبة يعمل جاهداً على استرجاعها والتي دفع الاثمان الغالية من اجلها منذ اللحظة الأولى لاعلان قيام الكيان الاسرائيلي على ارضه بالقوة والاغتصاب والارهاب منذ ما يقارب الـ 66 عاماً.

اذا كان الاعلان الاخير لرئيس الحكومة الاسرائيلية، واعتماده كسياسة رسمية كإشتراط أساسي لاستئناف جولة المفاوضات، مع القيادة الفلسطينية وهو الذي كان "يحشر" الطرف الفلسطيني بقضية الشروط المسبقة للتفاوض والتي كان على الدوام ينادي بها ويتحجج بها امام العالم محاولاً ان يضع اللوم دوماً على الشعب الفلسطيني "المتهم" بوضع الاشتراطات المسبقة.

هو اليوم يمارس هذا النوع من الضغط الذي لم يعد مجرد اداة ضغط فقط، بل تعداه الى رسم النهايات التي تسعى اليها حكومته من جراء المفاوضات، والتي تعني في النهاية شطب الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني والقضاء على احلامه وثوابته وعلى رأسها التحرر من نير الاحتلال واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس على ارضه وبقيادة ممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطينة.

والآن وبعد الانكشاف  الحقيقي للنوايا الاسرائيلية المتجسدة في القضاء على كل امكانيات الحلول المقبولة وبالتالي اتضاح رؤيتها الحقيقية من قضية المفاوضات. فان الطرف الفلسطيني يحذر من المخاطر الجدية التي تحيق بالمفاوضات، وبالتالي استقرار المنطقة في حال وصول الشعب الفلسطيني الى درجة الغضب التي يصعب التراجع عنها بعدما خبر النيات الحقيقية للمفاوضات، ولسان حاله يردد احدى اغنياته الثورية، التي تقول عدوّنا كل الحلول بيردها... واحنا كمان الحل ما هو بيدنا... يا شعبنا هز البارود ... وهو ما يعني العودة الى ممارسة كل اشكال النضال وانواع الكفاح المتنوعة بما فيها الكفاح المسلح باعبتاره طريقاً وحيداً للمفاوضات والتسويات، حتى لو اطلقت عليها التسويات التاريخية..

وهذا التفكير الجدي لدى الشعب الفلسطيني بالبحث عن خيارات جديدة، يبدو مشروعاً وطنياً وفلسطينياً ولا بد وان يبدأ بترجمته على أرض الواقع وهو القادر على ابتداع طرق وأساليب جديدة، تذهل العالم وتفاجئه ولعل انطلاق ثورته المعاصرة في العام 1965 خير دليل على ذلك وهي التي انطلقت في وقت ظن الجميع ان المنطقة دخلت في العصر الاسرائيلي، وهذا الوضع له ما يبرره ولديه من يتفهمه ويسعى فلسطينياً وعربياً واسلامياً ودولياً للوصول اليه.

ما يؤدي الى البدء بمقاومة مدنية مفتوحة الافاق وللتطور، ونمو اشكال نضالية جديدة تختزن مكنونات الشعب الفلسطيني وجهاده وابتداعه لاشكال كفاحية ستشكل بلاريب مفاجأة للجميع وعلى رأسها الحكومة الاسرائيلية والادارة الأميركية وكذلك العالم باسره الذي لازال حتى اللحظة يتفرج على العنجهية الاسرائيلية.