كان يعلم مشاعر الأشقاء التوانسة تجاه فلسطين وانهم من حيث المبدأ مع فلسطين ظالمة او مظلومة ، وكان يدرك جيدا أن للشعب الفلسطيني علاقات متينة مع الشعب  التونسي الشقيق منذ عهد الاستقلال ابتداء من المستوى الشعبي  وصولا الى رأس الهرم السياسي ، فالشيخ اسماعيل هنية كان يعلم جيدا أن قيادة حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية  استطاعتا خلق حالة من اللقاء والتواصل مع الأشقاء العرب قائمة على احترام السيادة والقرار المستقل للدول الشقيقة والصديقة ، فكسبت ثقة  الجماهير والحكومات على حد سواء ، وأنه قد تكسرت على قواعدها المتينة كل محاولات اثارة الفتن لتخريبها أو اثارة المشاكل  لتعقيدها او اقحام الأشقاء العرب في المستوى الرسمي في المشاكل الفلسطينية -الفلسطينية .ورغم ذلك أقدم على تجريب حظه في محاولة عبثية ، أتت نتائجها بعكس ما اشتهى ، وقد يكتشف خطورة ما حدثته به نفسه من اساءة للرئيس ابو مازن  اذا طلب من مستشاريه الاعلاميين تزويده بما كتبته الصحف التونسية عن زيارته لتونس ، خاصة في موضوع اسهام 'الزيارة الشخصية لهنية ' بتكريس الشقاق الفلسطيني في وقت بلغ فيه مد المصالحة  الفلسطينية حدودا طيبة  .كان هاما وضروريا ما صرح به سفير فلسطين في تونس سلمان الهرفي الذي أكد في حديث صحفي لفتح ميديا أن اخلاقيات العمل الوطني والدبلوماسي للرئيس ابو مازن اكبر وارفع وارقى من أن تطلب من الشقاء بتونس عدم استقبال اسماعيل هنية ، فالقيادة الفلسطينية مطمئنة الى اعتراف الأشقاء بتونس بشرعية منظمة التحرير الفلسطينية  وشرعية الرئيس ابو مازن الذي وجهت اليه ثلاث دعوات رسمية بصفته رئيسا للشعب الفلسطيني وللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني فلبى دعوتين واناب وزير الخارجية رياض المالكي في الثالثة بمناسبة احتفالات تونس بالذكرى السنوية الأولى للثورة ، فاستقبل ممثل الرئيس الفلسطيني الدكتور رياض المالكي بمراسم  استقبال رؤساء الدول وملوكها ، كما استقبله أركان  الدولة : رئيسها الدكتور المنصف المرزوقي، ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر ، ورئيس الحكومة حمادي الجبالي ن وعقد عدة لقاءات واجتماعات رسمية مع وزير الخارجية  التونسي ورئيس المجلس التأسيسي كان نتاجها اتفاقات ولجان مشتركة لدراسة  تمتين العلاقات الفلسطينية التونسية على كل المستويات , وقد عبر الدكتور رياض المالكي عن سروره وسعادته بالنجاح  المتميز لزيارته للشقيقة ممثلا عن الرئيس .كنا نأمل أن يتابع خبراء الاعلام والناطقين باسم هنية ما كتبته صحيفة المغرب اليوم مايلي :' علمت جريدة المغرب اليوم  أن حجم  الحمولة التي  سجل على حقائب  اسماعيل هنية  بلغ قرابة 500 كلغ  وقد رفض مسؤول الشحن بالخطوط التونسية  التاشير على الحمولة ، التي كانت ستؤمنها  الحطوط التونسية  المتوجهة للقاهرة  مما اضطر  السيد حمادي الجبالي  رئيس الحكومة  التونسي المؤقت  للتدخل شخصيا  وارسال مندوب  من الوزارة الأولى  من اجل تأمين  هذه الحمولة ' لو قرأوا ماكتبته صحيفة الشروق التي فتحت نقاشا حول زيارة هنية لتونس  اذ جاء في صفحاتها ما تحدث به  رئيس حركة التجديد احمد ابراهيم :' منظمة التحرير هي الممثل  الرسمي والوحيد ، وكان من المفترض  ان يكون هناك  مجهود  وحرص تونسيان  على تجاوز  الانقسام  وليس تكريسه ، مما يساعد الفلسطينيين على القفز على  خلافاتهم ويوفر مناخا ايجابيا  يساعدهم على تحقيق الوحدة وليس العكس' . مصادر عليمة كشفت أن اسماعيل هنية هو من طلب زيارة، بعد زيارة شخصية للسودان واخرى لتركيا   حيث عومل كشخصية فلسطينية لكن غير رسمية ، حتى في تونس فقد اثارت شكلية استقباله جدلا  تونسيا في الصحافة وعبر وسائل الاعلام خاصة وانه ليس ضيفا على الحكومة  وانما على حزب النهضة التونسي ، فالحكومة لم تستدعيه رسميا حتى ان وزارة الخارجية التونسية لم  تحضر في مراسم استقباله.. وربما يكون الفهم العميق للزيارة وابعادها واحجام جهات رسمية عن  اقحام نفسها في الخلط بين الحزبي والرسمي سببا قويا ودافعا لهنيه ( ليفش خلقه ) في الرئيس ابو مازن وسفارة فلسطين بتونس ، وان قال خبراء ومحللون ان اقواله موجهة  الى الرئيس ابو مازن ليسمعها المعني بها خالد مشعل في اطار الاصطفافات في حماس التي تشهد خلافات حادة . ما بين زيارة هنية التي انتهت بمشكلة مئات الكيلوغرامات من التمور وتدخل رئيس الحكومة التونسية لإنهاء اشكاليتها ، وزيارة المالكي التي انتهت بالاتفاقات الرسمية وتشكيل اللجان لمتابعة ملفات هامة بين البلدين والحكومتين فارق كبير ، فالوزن في حقائب ممثل رئيس الشعب الفلسطيني كان سببه الوزن  الحقيقي للشرعية الفلسطينية .