كتبت مطولا ضد طريقة التفكير ونهج العمل لتيار كبير في حركة "حماس" وغيرها من التيارات الإسلاموية يرى بذاته النزاهة والقدسية والوطنية والإسلاموية دونا عن ألأمة وبالتالي ما ليس فيه لا يمكن أن يوجد في الآخرين إن كان صالحا حسب زعمه في ذاتية أنانية حزبية مصلحية مفرطة، ميزت تفكير تيار إنعزالي في "حماس" كما هو في مثيلاتها من الفصائل الأخرى.

 ومازلت أكتب في مساؤي التفكير المغلق والحصري ومحاولات إحتكار الإسلام أواحتكار الفكرة والإقتناع بأوحدية الصواب الذي أدى بحماس للإنقلاب الدموي الفظيع في غزة عام 2007 ، ما يمكن لمن يرغب أن يطلع عليه في موقعي على الشابكة.

 وسأظل أكتب ضد الفكر التجهيلي والظلامي والانعزالي والاحتكاري للحقيقة سواء الدينية أو السياسية أو المجتمعية أو التنظيمية في "حماس" أو حركة "فتح" أو غيرهما أو في الفكر العربي والإسلامي عامة.

وأشرت ربما لخطأ "حماس" الفاحش بتدخلاتها بالشأن المصري عبر ما تمارسه من تحريض بعض قياداتها يوميا في منهج شتائم واتهامات لا تنتهي، وعبر فضائيتا الأقصى والقدس.

  لماذا قدمت بهذا التطويل ؟ قد يتساءل البعض وله في ذلك الحق. لأقول أن ما دعاني لذلك هو قرار (محكمة الأمور المستعجلة في مصر) التي حظرت نشاط "حماس" في مصر والتحفظ على مقراتها في القاهرة ما اعتبرته "حماس" (يستهدف الشعب الفلسطيني ومقاومته) كما قال عزت الرشق من قيادة حماس، ويعني (تخلي مصر عن دورها في تعزيز صمود وثبات المقاومة) كما قال فوزي برهوم. واصفا القرار بالجائر والظالم ، والصادم للشعب الفلسطيني وليس ل"حماس" فقط كما قال باسم نعيم، وهنا أقول نعم.

 نعم أن القرار صادم فعلا وإن كان لا يستهدف شعبنا أو مقاومته أبدا، فأن كان قد تم حظر جماعة (الاخوان المسلمين) في مصر لظروف محددة حيث دلائل حضّهم وتحريضهم ضد الدولة والثورة ماثلة للعيان، أو مشاركة بعضهم أوكلهم بالعنف في مصر، فإن هذه التهمة الأخيرة قد تجد لها في المستقبل مخرجا، أما حظر فصيل وطني فلسطيني نختلف أو نتفق في كثير من طروحاته أو ممارسته، أو ممارسات بعض قياداته ووسائل أعلامهم لا أظننا نستسيغه ولا أظننا من مؤيديه.   

 رغم العلاقة الأبوية للإخوان المسلين مع (حماس) ما لا تُنكره ولا يمكن أن تنكره، فإن تميزها أنها لحقت بركب الكفاح المسلح والمقاومة وإن متأخرة، ثم بركب العمل السياسي عبر (سلطة أوسلو)، وستلحق باعتقادي إن شاء الله بركب (الوعي الوطني) في العمق العربي الاسلامي على الأقل ما يظهر اليوم لدى تيار هام فيها مناوئ لذاك التيار الحصري للحقيقة في ذاته الاقصائي لغيره.

إن ثقتنا بالقيادة المصرية، والقيادة الفلسطينية على تنوعها كبيرة، ونحن بالمثل نثق أن القضاء المصري المشهود له بالنزاهة قادرعلى أن يتعامل مع هذا القرار "المؤقت" كما هو نصّه، لحين الفصل بالدعوى . حيث أن تصريح وزير الخارجية المصري كان واضحا بشأن الإخوان المسلمين إذ وصفهم (رغم خطر الجماعة) في مصر، أنهم (مواطنون مصريون لهم كامل الحقوق وسيظلون مصريين طالما التزموا بالسلمية وانخرطوا في عملية بناء المجتمع عبر عملية سياسية شاملة) ما يصدق في فلسطين مع "حماس" وغيرها أيضا

 وكما يقول وزير الأوقاف محمود الهباش في خطبة الجمعة يوم 7/3/2014 (حماس هي جزء من الشعب الفلسطيني، نريد عودتها للحضن الفلسطيني، لأن عدونا هو الاحتلال) نعم صدقت ، وموضحا (رغم الإنقلاب الأسود الذي قامت به حماس، إلا أن القيادة والرئيس عباس مصممون على إنجاز الوحدة الوطنية وتحقيق المصالحة لإنهاء هذا الخطأ التاريخي والأسود في تاريخ الشعب الفلسطيني، لأن من يخرج عن الشرعية ليس له شرعية إطلاقا.)

أقول نعم لحركة "حماس" الفلسطينية أن تمارس العمل السياسي، ومن خلال الانخراط في انتخابات جديدة فورا، ونعم أن تمارس العمل المقاوم على أرض فلسطين في سياق وطني موحد مع كافة القوى، ونعم عليها التراجع عن انقلابها الدموي منذ العام 2007 في غزة والعودة للشرعية، ونعم عليها النأي بنفسها عن التدخل بشؤون مصر أو أي دولة عربية أخرى، ونعم للاتفاق الوطني على أرضية وطنية مشتركة بعد التخلي عن التعصب والانغلاق واستغلال الدين من طرف فيها أو استغلال الوطنية من أطراف في غيرها.