لم تكن القضية الفلسطينية يومًا مجرد ملف سياسي عابر، بل هي جوهر الصراع في الشرق الأوسط، وامتحان أخلاقي للمجتمع الدولي الذي أثبت مرارًا أنه عاجز، أو متواطئ، في مواجهة الجرائم الصهيونية المدعومة أميركيًا.
اليوم، ومع تفاقم الأوضاع في قطاع غزة، تتجلى ملامح مرحلة خطيرة تُرسم بدماء الأبرياء، وسط تواطؤ دولي وعربي يراوح بين العجز والتخاذل.
غزة تعيش أسوأ مراحل الحصار منذ احتلالها، حيث انعدام الغذاء والدواء والكهرباء والمياه، وتدمير البنية التحتية بشكلٍ غير مسبوق.
ومع استمرار القصف الإسرائيلي الوحشي، تتحول المدينة إلى ساحة حرب لا تفرق بين طفل ومقاتل، وسط مشاهد الموت والدمار التي أصبحت اعتيادية في نشرات الأخبار، لكنها تظل وصمة عار على جبين الإنسانية.
لم تعد الإدانات الدولية تحمل أي وزن، فهي مجرد خطابات جوفاء أمام آلة القتل الإسرائيلية المدعومة سياسيًا وعسكريًا من الولايات المتحدة وأوروبا.
في المقابل، تتحرك القوى الكبرى فقط حين يتعلّق الأمر بمصالحها، بينما تُترك غزة تواجه مصيرها وحدها.
حتى المنظمات الحقوقية باتت عاجزة عن كسر هذا الحصار السياسي قبل أن يكون اقتصاديًا وعسكريًا.
إن المآلات المنتظرة لهذا الوضع المتفاقم، باتت خيارات محدودة ومستقبل غامض، في ظل هذا المشهد الكارثي والمأساوي بلا حدود، تبدو الاحتمالات مفتوحة على احتمالات أكثر كارثية، وأكثر خطرًا على مستقبل غزة منها:
1- مزيد من التصعيد العسكري: حيث تستمر إسرائيل في حربها على القطاع، في محاولة لتغيير المعادلة الديمغرافية والسياسية والأمنية.
2- صفقات تطويع المقاومة: قد تُفرض تفاهمات دولية وإقليمية لإعادة ترتيب الوضع، لكنها لن تكون لصالح الفلسطينيين، بل لمصلحة القوى الكبرى وإسرائيل خاصة.
3- انهيار تام للبنية المجتمعية: في ظل استمرار الضغط الاقتصادي والإنساني الذي قد يؤدي إلى هجرة جماعية أو تفكيك النسيج الاجتماعي في قطاع غزة.
رغم كل هذا الألم، يظل الشعب الفلسطيني متمسكًا بحقه في البقاء على ترابه الوطني، مدركًا أن استمرار البقاء والصمود ليس خيارًا بل ضرورة وجودية.
لكن يبقى السؤال مفتوحًا: إلى متى سيبقى العالم متفرجًا على مأساة غزة؟ وهل يتحول الصمت الدولي إلى مشاركة فعلية في الجريمة؟.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها