نشر الجيش الإسرائيلي، يوم أمس الجمعة 2025/03/14، نتائج تحقيقه حول هجوم الفصائل الفلسطينية على كيبوتس "نير عوز"، صباح السابع من تشرين الأول/أكتوبر العام 2023.

وقال رئيس فريق التحقيق الجنرال في الاحتياط عيران نيف: أن "فشَل الجيش الإسرائيلي في الدفاع عن نير عوز كبير بشكل خاص، وبين أسباب ذلك أن قوات الجيش الإسرائيلي تمكنت من الوصول إلى البلدة فقط بعد أن كان آخر المخربين قد خرج منها".

وأضاف: "لم يكن في أي بلدة مزيج قاتل مشابه من وضع خطير لهذه الدرجة من جهة، وغياب قوة عسكرية من جهة أخرى"، وقُتل خلال هذا الهجوم "41" من سكان الكيبوتس، وستة آخرين تواجدوا في حفل قريب وهربوا إلى الكيبوتس، وتم أسر "76" شخصًا من سكان الكيبوتس، بينهم "9" أموات، ونُقلوا إلى قطاع غزة، وحسب التحقيق، فقد قُتل "13" أسيرًا في الأسر، ولا يزال "5" أسرى أحياء، و"9" أموات من الكيبوتس محتجزين في غزة.

ونقل أعضاء في الكيبوتس عن رئيس أركان الجيش السابق هيرتسي هليفي، وقائد القيادة الجنوبية السابق يارون فينكلمان، قولهما بعد استعراض نتائج التحقيق أمام أعضاء الكيبوتس، في وقت سابق، إن "فشل الجيش الإسرائيلي في نير عوز كان الفشل الأكبر في تاريخ الجيش"، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس".

وحسب التحقيق، فإن نائب قائد الكتيبة 51 في لواء "غولاني"، قال في شبكة الاتصال العسكرية عند الساعة 05:34، في 7 أكتوبر، إن "القوات الإسرائيلية تستعد لدى بزوغ الفجر بموجب الأوامر ووفقًا لتقييم للوضع، ما دلّ على أنه وباقي القوات في المنطقة لم يعلموا أنه بعد 55 دقيقة ستتوغل قوات الفصائل الفلسطينية إلى إسرائيل ويبدأ الهجوم.

في البداية، دخل 100 - 130 من مقاتلي العدو، وبعد ذلك دخل 300 – 500 مقاتل آخر من عدة فصائل فلسطينية إلى كيبوتس "نير عوز" المخفي عن أنظار الجيش، واستمر الهجوم أكثر من ست ساعات لم يدخل خلالها جنود إلى أراضي الكيبوتس، كما أن الجيش الإسرائيلي لم يكن يعلم بما يحدث في داخله.

وأشار التحقيق، إلى أن "فشل الجيش بعدم وصوله إلى "نير عوز" ليس تكتيكيًا أو أخلاقيًا وإنما منهجيًا، فالقيادات لم تدرك أن الوضع في "نير عوز" صعب بشكل خاص، ولذلك لم تولِ أهمية لأرسال قوة إلى هناك على حساب أماكن أخرى، وانهيار منظومة القيادة والإشراف، وخاصة في اللواء والفرقة العسكرية، هو سبب مركزي لعدم وضع صورة الوضع، وكان بالإمكان التوقع من هيئة الأركان العامة أن تحاول السعي لوضع صورية الوضع الحقيقية وعدم الاعتماد على تقارير".

وكانت قوات الكتيبة 51 في "غولاني" تتواجد في مسافة تبع ثلاثة كم عن "نير عوز"، وعندما بدأت الفصائل الفلسطينية بإطلاق قذائف صاروخية، عند الساعة 06:29، توجهت قوة إسرائيلية نحو السياج الحدودي، بينما كان قوات الفصائل قد دخلت إلى الأراضي الإسرائيلية، وتوجهت أربع سرايا من قوات النخبة إلى "نير عوز"، بينما توجهت سرية واحدة إلى كل واحدة من البلدات الإسرائيلية الأخرى، ولا يزال فريق التحقيق لا يعلم سبب توجه قوات كبير من الفصائل الفلسطينية إلى "نير عوز"، وقرابة الساعة التاسعة صباحًا انتهى القتال في "نير عوز"، وقتل معظم أفراد فرقة التأهب المسلحة فيه.

وفي الساعات الأربع التالي، يصف التحقيق إخفاقات متكررة لقوات الجيش الإسرائيلي، التي وصل بعضها إلى نير عوز لكنها لم تتمكن من دخوله، وفي حالات أخرى تم إرسال قوات إلى الكيبوتس، لكنها لم تستوعب خطورة الوضع فيه وتوجهت إلى معارك في أماكن أخرى.

وفي الساعة 09:22 وصلت مروحية قتالية إلى طريق تؤدي من غزة إلى "نير عوز"، وسأل الطيار الضابط الذي يوجهه "هل أرسلتني كي أطلق النار على أراضينا؟"، وتبين أن الضابط الذي يوجهه لم يعلم بحقيقة الوضع في الكيبوتس، وبعد وقت قصير أصيبت المروحية بنيران مقاتلي الفصائل الفلسطينية واضطرت إلى المغادرة، بينما وصلت مروحيات قتالية أخرى واستهدفت فلسطينيين، وقتلت امرأة من سكان الكيبوتس.

بعد ذلك أطلقت دبابة إسرائيلية قذيفتين باتجاه المقاتلين في الكيبوتس ثم توجهت إلى السياج الحدود، وقال التحقيق العسكري: إن "أداء الدبابة كان خاطئاً ولم يتعين عليها التوجه إلى السياج وإنما الدفاع عن البلدات في غلاف غزة وبينها "نير عوز"، كما تعطلت دبابة أخرى، بعد أن أصيبت بخمسة قذائف مضادة للمدرعات، وتم أسر أربعة من جنودها".

وطوال هذه الساعات كان أعضاء الكيبوتس يتوجهون إلى المجلس الإقليمي للبلدات وإلى الجيش الإسرائيلي وجهات أخرى لطلب المساعدة، إلا أن لواء العمليات في هيئة الأركان العامة والقيادة الجنوبية للجيش وفرقة غزة العسكرية لم تكن تعلم بما يحدث في الكيبوتس ولم ترسل قوات، وفقًا للتحقيق.

وتبين من التحقيق أنه خلال المعارك في الكيبوتس، تواجد قوات مشاة كثيرة في بلدات قريبة، وبضمنها قوات لواء الكوماندوز، التي سارت في الطريق المؤدية إلى "نير عوز"، لكن موقع الكيبوتس جعلهم لا يدركون ما يحدث فيه، واستمروا إلى معارك في مناطق أخرى.

وعند الساعة 12:30 تم رصد مغادرة آخر الفلسطينيين "لنير عوز"، وبعد نصف ساعة دخلت قوة من وحدة "مستعربين" تابعة لحرس الحدود إلى الكيبوتس من دون أن يتواجد أي فلسطيني هناك.

وأشار التحقيق إلى أن الكتيبة 51، المسؤولة عن الدفاع عن "نير عوز" ومنطقته، لم تستعد لسيناريو هجوم كبير كالذي حدث، ولم تتلق إنذارًا، وسلسلة القيادة التي تخضع الكتيبة لها انهارت في أقل من ساعة وجنود الكتيبة لم يتمكنوا من التجمع وتقييم الوقت بشكل منظم.

ووفقًا للتحقيق العسكري فإن القوات الإسرائيلية لم تصل إلى "نير عوز" لعدة أسباب، بينها أن الفلسطينيين سدّوا الشارع المؤدي إلى الكيبوتس وعرقلوا تقدم قوات الجيش بشكل كبير، وقوات قليلة تلقت أمرًا واضحًا بالوصول إلى "نير عوز"، وخلال توجهها خاضت معارك مع الفصائل الفلسطينية عند مفترقات طرق، ومجموعة جنود تجاوزا أحد المفارق توجهوا إلى مكان آخر، وأشار التحقيق أيضًا إلى فشل المقرات القيادية للجيش في فهم صورة الوضع وأنها تتعرض لهجوم وانهيار قيادة القوات من مستوى سرية وحتى مستوى فرقة عسكرية، ولم تدرك أن الوضع في "نير عوز" أصعب من أماكن أخرى.

وجاء في التحقيق: أن "الفشل المركزي لجميع القيادات، من مستوى اللواء وحتى هيئة الأركان العامة، كان عدم بناء صورة للوضع وعدم استنفاد المعلومات المتوفرة، ولو جرت هذه الأمور، يرجح أن القوة العسكرية كانت ستصل في وقت مبكر أكثر وستنجح على الأقل في تقليص كبير لاستهداف الكيبوتس وسكانه".