ما زالت حرب الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسيين: الصين وكندا والمكسيك في بداياتها وهي آخذة في التصعيد وزيادة التوتر بينهم، ولن تتوقف حرب ترمب التجارية عند حدود الشركاء الثلاثة، إنما ستطال دول الاتحاد الأوروبي، وهذا ما أعلنه الرئيس الـ47، بالقول "هل سأفرض رسومًا جمركية على الاتحاد الأوروبي؟ هل تريدون الإجابة الحقيقية أم الإجابة الديبلوماسية؟ نعم بالتأكيد، فالاتحاد الأوروبي عاملنا بشكل سيء جدًا". وأضاف: "ولت تلك الأيام". وكان الرئيس الأميركي قد هدد عدة مرات بالتحرك ضد الاتحاد الأوروبي، وردًا على ذلك، قال الناطق باسم المفوضية الأوروبية أمس الأحد 2 شباط/فبراير الحالي، أن التكتل "سيرد بحزم على أي شريك تجاري يفرض بشكل غير منصف وتعسفي رسومًا على سلع الاتحاد الأوروبي".
كما أن ساكن البيت الأبيض أكد يوم الجمعة الماضي (31 كانون الثاني/يناير) أن "لا شيء سيمنعه من فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على المنتجات المستوردة من كندا والمكسيك، مضيفًا أن تلك الآتية من الصين ستخضع لضريبة بنسبة 10%، إضافة إلى الرسوم الجمركية الحالية". وبهذا التوجه غير الحكيم يهاجم الشركاء التجاريين الرئيسيين الثلاثة، الذين يمثلون مجتمعين أكثر من 40% من واردات تدخل إلى الولايات المتحدة. ويبرر هذه الإجراءات باتهام الدول الثلاث بأداء دور في أزمة الفنتانيل، وهو مادة أفيونية قوية تسبب أزمة هائلة في الولايات المتحدة. وبحسب الرئيس ترمب، فإن الصين تصدر المكونات الأساسية للعقار إلى المكسيك، ما يتيح لعصابات المخدرات المكسيكية تصنيع الفنتانيل الذي يتم بيعه بعد ذلك في الولايات المتحدة. وينتقد كلاً من المكسيك وكندا لعدم سيطرتهما بشكل كافٍ على تدفقات الهجرة غير النظامية.
ولم تنتظر الدول الثلاثة طويلاً للرد على موقف الرئيس الأميركي، وأعلنت الرئيسة المكسيكية، كلاوديا شينباوم على الفور، عن "تدابير جمركية دفاعًا عن مصالح المكسيك"، التي تذهب 83% من صادراتها إلى جارتها الأميركية من سيارات وأجهزة كمبيوتر ومنتجات زراعية. واقترحت شينباوم على ترمب تشكيل "مجموعة عمل تضم أفضل فرقنا للأمن والصحة العامة" لمعالجة قضايا الاتجار بالمخدرات والهجرة. غير أن الرئيسة القومية اليسارية لم تكشف أي تفاصيل بشأن هذه "التدابير الجمركية". كما أنها لم تحدد جدولاً زمنيًا، على عكس رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، الذي أعلن فرض رسوم جمركية بنفس النسبة 25% على الواردات الأميركية مثل المشروبات الكحولية والأجهزة المنزلية والسلع الرياضية. وأضاف في اجتماع مجلس الوزراء، أنه "لن يتراجع عن الدفاع عن الكنديين"، بيد أنه حذر من العواقب الحقيقية على الناس على جانبي الحدود. وأعلنت الصين أمس الأحد، أنها "تعارض بشدة" التعريفات الجمركية الجديدة، التي فرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب على بكين، متعهدة بالرد بالمثل، واتخاذ "إجراءات مماثلة لحماية حقوقنا ومصالحنا بحزم" وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان: إن "الصين غير راضية أبدًا، وتعارض ذلك بشدة"، مضيفة أنها سترفع دعوى ضد واشنطن في منظمة التجارة العالمية". وحذرت الصين من أن الحروب التجارية "لا يوجد فيها فائزون". مع أنها تعلم (الصين) أن الرئيس الحالي لا يعر أهمية للاتفاقيات العالمية، وبالتالي لن يلتزم بأي قرار منها.
هذا التجاذب بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسيين، بالإضافة لدخول الاتحاد الأوروبي على خط الحرب التجارية، وهو أحد أهم وأبرز عناوين الصراع بين الأقطاب العالمية، والذي قد يفتح نوافذ وأبواب الصراع على مدياتها الواسعة، بالتلازم مع إعلان الرئيس الأميركي صراحة عن إصراره على ضم كندا والمكسيك وغرينلاند وبنما وغيرها من الدول المجاورة، مما يسعر من حدة الصراع المحتدم، ويضاعف من الأزمات الداخلية والخارجية، حيث تفيد المعلومات أن حاكم ولاية كاليفورنيا، غافن نيوسوم أكد الأحد، أن ولايته تعتمد على 95% من الأيدي العاملة المكسيكية والتبادل التجاري مع المكسيك، وبالتالي يرفض توجهات الإدارة الفيدرالية الجديدة، وعاد يهدد بانفصال الولاية عن الولايات المتحدة، وهي الولاية الأهم والأكبر اقتصاديًا وتجاريًا، وبالتالي الأمر لا يتوقف عند حدود الشركاء التجاريين الخارجيين، إنما ستمتد للداخل الأميركي بما تحمله من تداعيات كيفية وخطيرة على الوضع في الولايات المتحدة، كذلك في تأجيج حدة الصراع مع الأقطاب الدولية المختلفة. لا سيما وأن ترمب فتح جبهات الصراع مرة واحدة ودون تقدير دقيق للمصالح العليا للبلاد، رغم أنه ينطلق وفق تصريحاته المتكررة منها تحت شعار "أميركا أولاً"، وأنه بشعاره يشعل شرارة السهل الأميركي والعالمي بالطريقة والسلوك الغبي الذي ينتهجه دون ضوابط.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها