منذ عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير 2025، أظهر الرئيس الأميركي التزامًا بمواصلة سياساته الخارجية الصدامية، خاصة في الشرق الأوسط، فقد اتسمت مواقفه بالانحياز المطلق لإسرائيل، والتصعيد ضد إيران، والتقليل من أهمية الحلول الدبلوماسية، مما يجعل إحلال السلام في المنطقة أمرًا بعيد المنال، هذا ما كشفته تصريحاته أمس في المؤتمر الصحفي المشترك مع نتنياهو في واشنطن، وما عبر عنه من دعم غير مسبوق لإسرائيل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني الأساسية والمشروعة في قطاع غزة خاصة وفي فلسطين عامة، هكذا ومن خلال ولايته الثانية، يُصعّد ترامب من دعمه المطلق لإسرائيل، متجاوزًا حتى قرارات الشرعية الدولية وقراراته السابقة مثل الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، فقد لوح بإتخاذ سلسلة قرارات أكثر جرأة، منها إمكانية الاعتراف بسيادة إسرائيل على الضفة الغربية، مما سيوجه ضربة قاصمة لحل الدولتين ولكافة الجهود التي سبق أن بذلت من أجل التسوية واحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

أضف إلى ذلك، ما أعلن عنه أمس من تبني خطة "إعادة هيكلة غزة" التي تطرح احتمال تهجير سكانها، في ظل حديثه عن "بناء مناطق مختلفة للسكان" وتعزيز التعاون العسكري مع إسرائيل، بما في ذلك تزويدها بأسلحة وأنظمة دفاعية متقدمة لضمان استمرار تفوقها الإقليمي.
هذه الخطوات قد تغلق تمامًا أي نافذة للسلام، حيث ترفض القيادة الفلسطينية ودول عربية عديدة أي مبادرات أميركية من هذا القبيل، وبعد هذا التصعيد الذي سينتهجه ترامب ونتنياهو في الفترة المقبلة.
إذًا في ولايته الثانية أيضًا، يستمر الرئيس ترامب في نهجه المتشدد تجاه إيران، مما زاد من احتمالات نشوب نزاع عسكري واسع في المنطقة، فقد تشمل سياساته، فرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة، مما سيؤدي إلى زيادة الضغط على الاقتصاد الإيراني ورفع مستوى التوترات، وقد تشمل تنفيذ عمليات عسكرية في الخليج العربي، مع تهديدات مباشرة بضرب منشآت نووية إيرانية.
يُضاف إلى ذلك دعم المعارضة الإيرانية كجزء من استراتيجية خطة "تغيير النظام"، مما سيدفع طهران إلى تعزيز تحالفها مع روسيا والصين.
هذه السياسات ستجعل منطقة الشرق الأوسط، أكثر توترًا واشتعالاً في فترة ولاية ترامب الثانية، مما  يزيد من صعوبة الوصول إلى أي تسويات سلمية.

في نفس  الوقت الذي  تضغط فيه الولايات المتحدة بشدة على الدول العربية لتوسيع نطاق التطبيع مع إسرائيل، كل هذا سيؤدي إلى تراجع الثقة العربية في واشنطن كوسيط سلام محايد، حيث بات ينظر إليها كطرف متحيز لإسرائيل بشكل مطلق.
هذه التغيرات ستؤدي إلى اضطراب غير مسبوق في النظام الإقليمي، وقد بدأت بعض الدول العربية في البحث عن تحالفات جديدة مع الصين وروسيا للحد من الاعتماد في تسليحها على الولايات المتحدة.
نخلص أن لا فرص للسلام في ظل إدارة ترامب الثانية، ذلك من خلال جملة ما أظهره لغاية الآن من  مواقفه وتصريحاته المتشددة تجاه الحقوق المشروعة الوطنية والقومية الفسطينية، ومن تسوية الصراع العربي الإسرائيلي، وإغلاقه لجميع أبواب الحلول الدبلوماسية، وتبنيه نهجًا صداميًا مع إيران ومع الفلسطينيين والمجتمع الدولي بشكل عام، فإن إدارة ترامب الثانية أبعد ما تكون عن فرص تحقيق السلام في الشرق الأوسط، بل على العكس، فإن المنطقة قد تتجه نحو مزيد من العنف والتوترات والصراعات والتي تنذر بعواقب وخيمة على الأمن والاستقرار في المنطقة، هكذا في ظل غياب أي وسيط دولي قادر على تهدئة الأوضاع أو تحقيق اختراق دبلوماسي فعلي، يؤدي إلى تسوية عادلة ومقبولة للصراع العربي الإسرائيلي، تستند إلى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بشأن إنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وبقية بؤر التوتر  في المنطقة.