أثبت الشعب الفلسطيني عظمته الأسطورية في صموده، الذي فاق الوصف، وبقدر ما كانت الإبادة الجماعية ضد الشعب خرافية وهمجية وتتجاوز حدود القدرة على البقاء ومواصلة الحياة من هول بشاعتها وفظاعتها وكارثيتها غير المسبوقة في العصر الحديث، بقدر ما كان الشعب استثنائيًا في قدرته وتحمله ويلات ووحشية الموت والإبادة الإسرائيلية الأميركية، الأمر الذي ارتد على جنون النازية الإسرائيلية، وحطم آمالها بتحقيق "النصر الكامل" على الشعب العربي الفلسطيني، وأرغمها على الإذعان لإرادته الفولاذية، التي صهرت أحلام بني صهيون، وأحالتها إلى خرقة بالية وممزقة في القبول بالاتفاق الصفقة، بغض النظر عما شابهها من مثالب وعيوب ونواقص، ومن أبرز النقاط الممكن تسليط الضوء عليها في فشل أهداف الإبادة الجماعية الصهيو أميركية، هي:

- أولاً: فشل تحقيق التهجير القسري لأبناء الشعب الفلسطيني من قطاع غزة إلى دول الشتات، لأن الشعب الأبي والشجاع والذي واجه الموت والدمار في كل ثانية من دقائق وساعات وأيام حرب الأرض المحروقة لأكثر من خمسة عشر شهرًا رفض الإذعان والتهجير، وأصر على التجذر والتخندق في أرض الوطن، وجل ما فعله أبناء شعبنا كان النزوح الداخلي في محافظات القطاع الجنوبية، وهنا تملي الضرورة تثمين الموقف المصري الشقيق الذي رفض فتح الحدود لنزوح الفلسطينيين لسيناء.

- ثانيًا: عدم تمكن الجيش وأجهزة الأمن الإسرائيلية وجيوش العالم الغربية بقيادة الولايات المتحدة وأساطيلها وغواصاتها وحاملات طائراتها المقاتلة والتجسسية من الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين والأميركيين أو مزدوجي الجنسية، وها هم اليوم يقبلون بإبرام صفقة التبادل للرهائن بنحو ألفي أسير حرية فلسطيني، وفق المعلومات المتواترة من المصادر الفلسطينية والإسرائيلية.

- ثالثًا: السماح بعودة النازحين الفلسطينيين إلى مدنهم وبلداتهم ومخيماتهم في الشمال دون قيد أو شرط، رغم وجود مراقبة إلكترونية، إلا أنها لا تعطل أو تعرقل عودة الجميع إلى أماكن سكنهم بمختلف انتماءاتهم وخلفياتهم الفكرية والسياسية.

- رابعًا: عدم تمكن الجيش الإسرائيلي من تصفية أذرع المقاومة، حيث بقيت جيوب المقاومة تقاتل حتى اللحظة الأخيرة، ولم تستسلم لوحشية الإبادة، وفي مختلف المحافظات وخاصة في محافظات الشمال الغزية التي عاد الجيش لاقتحامها للمرة الثالثة قبل ثلاثة شهور، وارتكب فيها أبشع وأفظع ويلات الإبادة والتدمير الإجرامي الهائل والكارثي.

- خامسًا: فشل حكومة الائتلاف النازي الإسرائيلي بتحقيق ما ادعاه رئيسها الحاكم بأمره "النصر الكامل"، الذي تأكد أنه شعار وهمي، ومجرد فقاعة ديماغوجية للاستهلاك الإعلامي ولتضليل الشارع الإسرائيلي.

- سادسًا: ارتفاع عدد الخسائر والتآكل والأمراض النفسية في صفوف الجيش الإسرائيلي، مما زاد من حدة التناقضات بين المستويين السياسي والعسكري الأمني.

- سابعًا: ازدياد حدة التناقضات داخل صفوف الائتلاف الحاكم الإسرائيلي وفي أوساط المجتمع الإسرائيلي بشكل عام بعد أن انكشف إفلاس الائتلاف بتحقيق أهدافه، وارتكابه حماقات وقتل للعشرات من الرهائن الإسرائيليين، فضلاً عما نجم عن الحرب من تعميق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسيكولوجية داخل المجتمع عمومًا.

- ثامنًا: مطالبة نسبة تصل إلى 60% من المجتمع الإسرائيلي وفق استطلاعات الرأي يوم أول أمس الجمعة 17 كانون الثاني/يناير الحالي بإجراء انتخابات مبكرة نتيجة الفشل الذريع لائتلاف زعيم الليكود ونتاج جملة الأزمات التي ألمت بالمجتمع الإسرائيلي.

- تاسعًا: الملاحقة من قبل محكمة الجنائية الدولية للقيادات السياسية والعسكرية، وصدور مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير حربه السابق غالانت، وهناك دعاوي جديدة ضد العشرات والمئات من ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي الذين شاركوا في الإبادة الجماعية، فضلاً عن الدعوى القضائية المرفوعة من قِبَل جنوب إفريقية لمحكمة العدل الدولية ضد دولة الإبادة الجماعية.

- عاشرًا: انكشاف ظهر إسرائيل كدولة إبادة جماعية أمام الرأي العام العالمي وخاصة في الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي، وزيادة التأييد والدعم للشعب الفلسطيني في المحافل الدولية.

- الحادي عشر: صدور العديد من القرارات الأممية المؤيدة للحقوق الوطنية الفلسطينية، رغم ملاحقة الفتيو الأميركي في مجلس الأمن الدولي للعديد من مشاريع القرارات المؤيدة لوقف الإبادة الجماعية، وتبني الفتوى القضائية لمحكمة العدل الدولية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وغيرها من القرارات. وهناك العديد من عناصر الفشل الإسرائيلية، التي يمكن ادراجها لاحقًا.