سؤال يتردد بعد تدخل الرئيس ترمب الصارم الضاغط على مجرم الحرب نتنياهو الذي أسفر عن إبرام اتفاق الدوحة والذي يجسد بنسخة مطابقة لمضمون قرار مجلس الأمن الدولي رقم 3735 الذي تنصلت من تنفيذه إدارة بايدن ونتنياهو على كافة المستويات الشعبية والسياسية، فهل انتهت حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بشكل نهائي أم أننا أمام إمكانية استئنافها بعد نهاية المرحلة الأولى وهل نحن أمام مرحلة تجسيد حل الدولتين الذي أكده أيضًا نفس قرار مجلس الأمن؟.
ما يدفع أي مراقب أو متابع للتساؤل هو غياب الربط التنفيذي التلقائي بين مراحل الاتفاقية التي تمت برعاية أميركية مصرية قطرية ويقودنا ذلك أيضًا للتساؤل عن غياب هيئة دولية تتولى مهمة ضمان تنفيذ مراحل الاتفاقية؟.

- الحكم على ذلك يبقى معلقًا لحين توفر الإجابة على التساؤلات التالية:

- أولاً: هل سيتم  الإعلان الكامل والشامل لبنود الاتفاقية وملحقاتها باللغتين العربية والإنجليزية لقطع الطريق أمام سلطات الاحتلال الإسرائيلي للإنقلاب عليها؟.

- ثانيًا: ما هي أهداف المرحلة الثانية بالنسبة للكيان الإسرائيلي هل ستقتصر على إطلاق سراح باقي المحتجزين أم أن هناك شروطًا إسرائيلية تتعلق كما يصرح قادة إسرائيليين بالأمن الإسرائيلي يجب توفرها قبل الإنسحاب الكامل من قطاع غزة كنزع السلاح أو خروج قيادات ميدانية.

- ثالثًا: ما هي أهداف العدو الإسرائيلي من إنشاء منطقة عازلة في شمال القطاع التي وردت بالإتفاقية؟ بغض النظر عن عمقها الجغرافي هل هي دائمة وما تعنيه عندئذ من سطو سلطات الاحتلال الإسرائيلي على الغاز بشكل كامل وحرمان الشعب الفلسطيني من ثرواته ومن حقه بالسيادة على حدود خارجية بحرية للدولة الفلسطينية المعترف بها دوليًا.

- رابعًا: من صاحب السيادة الفعلية على معبر رفح ومحور صلاح الدين بشكلٍ عام الذي يشكل الحدود البرية الفلسطينية مع جمهورية مصر العربية فيما يتعلق بالأمن وحرية التنقل والاستيراد والتصدير وغيرها من مظاهر السيادة.

- خامسًا: هل من انسحاب تلقائي كامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى؟.

تبقى تساؤلات قائمة بحاجة إلى توفر إرادة دولية من قبل غالبية الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة لترجمتها إلى واقع عملي.
ماذا بعد 76 عامًا من نكبة فلسطين أرضًا وشعبًا، التي ولدت بعد حرب إبادة وتطهير عرقي ارتكبتها   قوات المستعمر البريطاني بمشاركة العصابات الإرهابية اليهودية الصهيونية وإلى متى؟.

▪︎ ستبقى القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن وعن الجمعية العامة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس بدءًا من قرار رقم 181 و194 و273 وصولاً لقرارات مجلس الأمن 242 و2334 الصادر في كانون الأول عام 2016 ولكافة القرارات الصادرة عن الجمعية العامة بدوراتها المتعاقبة وآخرها الدورة 79 لعام 2024 دون تنفيذ.

▪︎ الصمت الدولي أمام تغول دول دائمة العضوية بمجلس الأمن عن الدفاع عن مبادئ وأهداف وميثاق الأمم بالعدالة والمساواة بين الدول وبترسيخ الأمن والسلم الدوليين وبضمان إلزام إسرائيل بتنفيذ القرارات الدولية بإنهاء احتلالها لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليًا ووقف إنتهاكها للعهود والمواثيق والاتفاقيات الدولية وفي مقدمتها إتفاقية جنيف الرابعة التي تمثل بذلك  تمردًا على الأمم المتحدة بمؤسساتها وعلى قرارات محكمة العدل الدولية.

▪︎ سيبقى الصمت والضعف أمام الإزدواجية والإنتقائية التي يتعامل بها مجلس الأمن الدولي بدولة دائمة العضوية وخاصة أميركا مع قضايا العالم الثالث وخاصة القضية الفلسطينية وما موقفها من رفض وقف دائم لحرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها الكيان الاستعماري الإرهابي الإسرائيلي بحق  الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وما رافقها من تهجير قسري متكرر  لمليوني مواطن فلسطيني وتدمير البنى التحتية وحرمان المدنيين من الماء والغذاء والدواء عبر استخدام الفيتو على مدار خمسة عشر شهرًا ولسنوات بوتيرة أقل في مدن وقرى الضفة الغربية، وحرمان الشعب الفلسطيني من التمتع بحقوقه المكفولة دوليًا وعلى رأسها الحق بالحرية والحياة الآمنة في وطنه التاريخي.

▪︎ غياب التصدي للهيمنة الأميركية برفضها احترام الإرادة الدولية الاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو عامل بالأمم المتحدة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس عبر استخدامها الفيتو بالرغم من توفر شروط قبولها المنصوص عليها بميثاق الأمم المتحدة.

ما تقدم من تساؤلات دون توفر مبادرة دولية مسلحة بإرادة صلبة نواتها فلسطين والأردن والسعودية ومصر والجزائر وجنوب إفريقيا وإندونيسيا وتركيا وإسبانيا تعمل على ترجمة أجوبتها إلى إجراءات تنفيذية تكفل ضمان احترام وسمو الشرعة الدولية دون تسويف ودون ازدواجية وإنتقائية وإنهاء مكانة بقاء الكيان الإسرائيلي بدعم وإنحياز أميركي فوق القانون ومحمية من المساءلة والعقاب على جرائمها وإنتهاكاتها وتنصلها من الإلتزام بانقلاب على ميثاق ومبادئ وأهداف الأمم المتحدة بترسيخ السلم والأمن الدوليين.
يبقى الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين أرضًا وشعبًا جريمة دولية مستمرة منذ 77 عامًا، فالكيان الغاشم بقي وحيدًا في العالم متمردًا على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ولجانها بتصفية الاستعمار.

إن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني أمام وسائل الإعلام من جرائم موثقة لم يسجل التاريخ مثيلاً لها بوحشيتها ودمويتها والتي تصنف كجرائم حرب وإبادة وتطهير عرقي وضد الإنسانية وما يتخللها من أعمال بطش وظلم واضطهاد وتنكيل وقتل وتجويع وتعطيش واقتحامات لممتلكاته ومقدساته الإسلامية والمسيحية خاصة في القدس والخليل وبيت لحم يتطلب ودون تأخير إلزام الكيان الاستعماري الإسرائيلي إنهاء احتلاله لأراضي الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليًا بعاصمتها القدس، تنفيذًا للقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية بالمبادرة والعمل على إستصدار قرار من الجمعية العامة بتجميد عضوية إسرائيل وعزلها دوليًا من خلال فرض مختلف أشكال العقوبات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية المنصوص عليها بميثاق الأمم المتحدة.

بدء سريان وقف العدوان الإسرائيلي بمرحلته الأولى يتطلب من الكل الفلسطيني فصائل وأحزاب التوحد في إطار منظمة التحرير الفلسطينية لمواجهة المخطط العدواني الإسرائيلي بإستئناف حرب الإبادة والتطهير العرقي بعد انتهاء المرحلة الأولى وحماية للشعب الفلسطيني وللمشروع النضالي الوطني الفلسطيني بالحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الصامد المتجذر في وطنه الذي سطر بصموده الأسطوري انتصارًا على مخطط العدو الإسرائيلي المدجج بكل أشكال وأنواع الأسلحة الفتاكة والمحرمة منها دوليًا، وسعيه لتهجير أصحاب الأرض خارج وطنهم، وقد شهد   العالم هذا الصمود والتجذر والإرادة الوطنية العالية التي وجهت رسائل بالغة الوضوح أن سيناريو 1948 و1967 لن يعود فلا مكان للشعب الفلسطيني إلا أرض فلسطين ولا وطن إلا فلسطين مهما بلغ حجم المؤامرات والتضحيات.
الشعب الفلسطيني مدعومًا من أحرار العالم دولاً وشعوبًا ماضٍ في نضاله وصموده حتى إنجاز مشروعه الوطني بالحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.