استضافت الإعلامية مريم سليمان في حلقة حوارية خاصة عبر قناة فلسطيننا، وكيل دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير الفلسطينية قاسم عواد، الذي حل بزيارة إلى لبنان قلب العروبة النابض الذي يحتضن عددًا كبيرًا من أبناء شعبنا اللاجئين العائدين إلى فلسطين محررةً من نير الاحتلال، حيث أكَّد عواد على أهمية الزيارة للتنسيق العالي مع الأشقاء اللبنانيين بشكل عام وعلى مستوى الحقوقيين اللبنانيين للتنسيق المشترك في عملية النضال والدفاع عن القضايا المشتركة التي تخص الشعب الفلسطيني بشكل خاص، والتي تعرض لها الشعب اللبناني جراء العدوان الأخير عليه من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وتابع عواد: زيارتنا جاءت في سياق الاطلاع على أوضاع أبناء شعبنا الذين يعانون الويلات ما بين ظلم تاريخي واقع بحقهم جراء وجودهم في أطول عملية تهجير قصري عرفته الإنسانية تجاوز الستة وسبعين عامًا، وما بين حقوقهم التي يتطلعون من خلالها للخلاص من قيود وضعت عليهم بفعل عملية التهجير، وشدد أنَّ هناك الكثير من المواضيع على أجندة هذه الزيارة، ومن ضمنها المباركة للرئيس اللبناني جوزيف عون بأمل وتطلعات فلسطينية بأن يكون هناك إنصاف لشعبنا في لبنان، كمحطة انتظار على طريق العودة، وشدد عواد أنَّ الدماء الفلسطينية اللبنانية اختلطت معًا في أطول معركة عرفتها الإنسانية دفاعًا عن الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في بقاءه على أرضه، ودفاعًا عن سيادة لبنان. وأشار عواد أنَّ وجود شعبنا في لبنان هو محطة انتظار على طريق تحقيق حلم العودة إلى فلسطين وتطبيق القرار 194.
ومن لبنان إلى غزة، حيث علق عواد على تفاقم الوضع الإنساني في ظل استخدام سلاح التجويع، قائلاً: "إن ما تتعرض له غزة مجموعة من الخروقات والجرائم التي وصفها القانون الإنساني الدولي بجرائم ضد الإنسانية، ويحق لشعبنا ملاحقة ومحاكمة الاحتلال الإسرائيلي عليها كمجرم حرب، فالعدوان بدأ في الإبادة الجماعية وفي استهداف واسع النطاق للمدنيين الفلسطينيين ومن ثم تغير الحال حينما بات الاحتلال يدمر بشكل ممنهج الوجود الفلسطيني ككل، بهدف جعل غزة مكان غير قابل للحياة ومن ثم الانتقال لتطبيق مشروع إسرائيل الكبرى". 

وتابع عواد: "أنَّ الهدف واضحًا هو إنهاء غزة ومن ثم الانتقال لضّفة الغربية لتطبيق التهجير القسري، وفي آخر خارطة نشرها الاحتلال الإسرائيلي شاهدنا إرادته في توسعٍ غير مسبوق بأجزاء تشمل العراق وسوريا، بالإضافة إلى سيطرته على أراضٍ لبنانية وأردنية، وتتسارع هذه المخططات في ظل أخذ الضوء الأخضر من الرئيس الأميركي القادم دونالد ترامب الذي يحاكي الإرادة الصهيونية، فالولايات المتحدة هي الداعمة والركيزة الأولى الاستعمارية للاحتلال الاسرائيلي والشريكة الرئيسية في الإبادة. 

وفيما يتعلق برفض منظمة التحرير لأي لجان إسناد لا تتماشى مع الحكومة الفلسطينية، أكَّد عواد أنَّ الدور السابق الذي لعبته بعض الدول التي دعمت وتدعم الآن مشروع لجنة الإسناد كانت مهمتها تعزيز الانقسام الفلسطيني، وتقوية وجود "حماس" كقوة سيطرة في غزة بانقلاب دموي على شعبنا وأبناء حركة "فتح"، لكن فتح تعالت على جراحها على حساب الدم الذي نزف لصالح الوحدة الفلسطينية، وهكذا حركة فتح دائمًا تنظر على أنَّ القرار الوطني الفلسطيني مستقل، وهي التي قادت شعبها من طوابير على أبواب الأونروا في كل العالم إلى شعب قابض على زناد التحرير والحرية وجعل حلم الدولة حلمًا واقعًا مجسدًا على الأرض. وشدد عواد أنَّ أي لجنة إسناد لا تخضع لأي من القوانين والأعراف الدولية فهي تتماهى مع مخططات نتنياهو ولا نقبل بها، وشعبنا لن يخضع لها مهما كانت الظروف.

وحول ما يتعلق بالحملة الشرسة التي تتعرض لها السلطة الوطنية في جنين، أكَّد عواد أنَّ هناك عصابة ارتضيت على نفسها أن تمارس إرهاب الاحتلال بحق شعبنا، وأينما أرادت إسرائيل استهداف مشروع ما وجدنا هذه الفئة الخارجة عن القانون تكثف من إجرامها تحت مسمى المقاومة، وأضاف عواد، أنَّ المطلوب اليوم طوق نجاة أخير لأبناء شعبنا لحملتنا الداخلية والوطنية الفلسطينية، واعتقد أنه إذ لم يستجيب الخارجين عن القانون خلال ثمانية وأربعين ساعة سيضطر قوى الأمن إلى الحسم بقوة النيران، وهذا أبطئ تدخل عسكري عرفته الإنسانية في حالة وجود إرهابي خارج عن القانون في مثل هذه الحالة.

وفيما يتعلق ببث قناة الجزيرة الفتنة بين أبناء شعبنا، شدد عواد على ضرورة بث التوعية ونشر المعرفة بين الجماهير الفلسطينية لمواجهة هذه المخططات التي تهدف للقضاء على الحق الفلسطيني التاريخي من الوجود، وتابع عواد قائلاً: "إن سيادة الرئيس محمود عباس صاحب الرؤية الأكثر قدرة بالتأثير على الاحتلال، يقودنا إلى الاشتباك القانوني الدولي ليس عبثًا، حينما قال: "منذ أكثر من خمسة عشر عامًا سنبدأ بملاحقة قانونية للاحتلال لوضع نتنياهو وكل مجرمي الحرب من قادة الاحتلال في قفص الاتهام الدولي.
الاحتلال هاجم الشهيد القائد ياسر عرفات وخونه سابقًا، واليوم يهاجم السيد الرئيس ويبث سمّ أكاذيبهم الممنهجة المستمرة، ونعتقد جازمين أنَّ الهدف الوحيد الذي يحملونه هو القضاء على الحلم الفلسطيني.

وفيما يتعلق بالصعوبات التي تواجهها منظمة حقوق الإنسان في عملها بالضفة، أكَّد عواد على أنَّ المشروع الإسرائيلي المتكامل الذي يكاد يجعل من دعم صمود المواطنين الفلسطينيين للبقاء في أرضهم مسألة معقدة إجرائيًا، حيث استهدف وجود المخيمات بهدم جزئي وكلي، أما في غزة فإعادة الإعمار التكلفة فاقت المئة وعشرين مليار دولار والعالم للأسف مخادع بالتصريحات، وأعلن عواد عبر قناة فلسطيننا توسيع عملهم وافتتاح دائرة حقوق إنسان في لبنان لتلبية حاجات شعبنا، وذلك بقرار تم مناقشته مع سعادة السفير الفلسطيني لدى الجمهورية اللبنانية اشرف دبور.
وفي الختام أكَّد عواد، أنَّ ما ينتظر القضية الفلسطينية تحديات عدة وجديدة، لكن شعبنا صامد أمام كل التحديات ولا يستطيع الاحتلال اقتلاعه من أرضه مهما كان الثمن، والرهان على أنَّ الكبار يموتون والصغار ينسون هذا رهان فاشل، وأنَّ عمليات القتل الممنهج ستقمع روح الوطنية والنضال في قلوب شعبنا أيضًا فشلت، بل هي أنشأت جيلاً متمسك بحقنا الشرعي في مقاومة هذا الاحتلال أكثر من أي وقت سابق، وأضاف قائلاً: "إن سيادة الرئيس محمود عباس يواجه نفس الظروف المصيرية التي تعرض لها الشهيد الخالد فينا القائد ياسر عرفات، ويردد دائمًا لنا أنَّ محددات البقاء هو الصمود، لن أنهي عمري بخيانة وإن كان الثمن استشهادي".