بعد غد الأربعاء تحل الذكرى الـ "60" للثورة الفلسطينية المعاصرة، وإطلاق الرصاصة الأولى التي أشعلت السهل الفلسطيني بعد مخاض عسير تلا نكبة عام 1948، والتي شكلت رافعة استراتيجية لنضال الشعب العربي الفلسطيني الذي سعى معسكر الأعداء الصهيو أميركي والغربي عمومًا لطمس قضيته السياسية، وحقه في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير، رغم أن قرار التقسيم الدولي 181 ينص على إقامة الدولتين الفلسطينية العربية والإسرائيلية، والقرار الدولي 194 الذي ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم التي هجروا منها، ومع أن وزير دولة إسرائيل الطارئة واللقيطة موشيه شاريت وقع على وثيقة أممية تعهد فيها بتنفيذ القرارين مقابل الاعتراف بدولته من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكن لم يتم ترجمة التعهد حتى اليوم، ولا يبدو أن هناك في الأفق ما يوحي إلى أن إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركية معنيتان بوجود الدولة الفلسطينية من حيث المبدأ.
وهذا ما تدل عليه قرارات وقوانين الكنيست والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، والإبادة الجماعية الأكثر وحشية في العصر الحديث على الشعب الفلسطيني، التي مضى عليها 15 شهرًا كاملة حتى اليوم. بيد أن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عمومًا وحركة "فتح" صاحبة الريادة في إطلاق الرصاصة الأولى لن تستسلم، ولن ترفع الراية البيضاء، وستواصل النضال دفاعًا عن المشروع الوطني والثوابت الوطنية كلها دون استثناء حتى انتزاع استقلال الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين لوطنهم وديارهم التب هجروا منها.
تحل الذكرى الـ60 في ظل أحداث داخلية وخارجية جسام تعصف بالقضية والكيانية الفلسطينية، حيث تتكالب القوى المعادية بكل مكوناتها الدولية والإقليمية والمحلية على ما تبقى من إنجازات الثورة والمنظمة والدولة الفلسطينية، وإذا كان العامل الموضوعي يشكل تحدٍّ جاثم ومهدد للوجود الفلسطيني متمثلاً بحرب الأرض المحروقة والإبادة الجماعية بأبعادها المتعددة بالتهجير القسري والتطهير العرقي والعنصرية المتوجة بأبشع عناوين وأشكال النازية الصهيو أميركية، والتي أودت بحياة ما يزيد عن 160 ألف شهيد وجريح والتدمير الهائل وغير المسبوق في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حتى باتت محافظات الجنوب الغزية عبارة عن أطلال، إلا أن هناك خطرًا جاثمًا آخر لا يقل خطورة عن ذلك عنوانه الفلتان الأمني وفوضى السلاح باسم "المقاومة" في محافظات الشمال الفلسطينية وتحديدًا محافظة جنين ومخيمها البطل المتواصل منذ ما يزيد على الأسبوعين، أودى بحياة الأبرياء ومن منتسبي الأجهزة الأمنية، الذي يستهدف النظام السياسي ومنظمة التحرير وتمثيلها الشرعي الوحيد للشعب، والسلم الأهلي ووحدة النسيج الوطني والاجتماعي.
وإذا كان العدو الصهيوأميركي لم يخف مشروعه الاستعماري العدائي للشعب الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد ونظامه السياسي ووجوده الراسخ على ترابه الوطني مفهومًا ومعلومًا لدى القيادة والشعب، إلا أن وجود قوى الثورة المضادة داخل النسيج الاجتماعي الفلسطيني، ليس مفهومًا، ولا مبررًا ولا يقبله عقل سليم ووطني. لأنه يشكل تهديدًا حقيقيًا لوحدة الأرض والشعب والقضية والأهداف الوطنية، الأمر الذي يتطلب من قوى الشعب وقطاعاته المختلفة وخاصة فصائله وقواه الوطنية رص الصفوف، والعمل كجسم واحد ضد هذا الخطر لحماية ما تبقى من إنجازات، ودرأ الأخطار استنادًا إلى برنامج منظمة التحرير الفلسطينية.
من يريد المقاومة، ويرفع شعارها عليه أولاً وثانيًا.. وعاشرًا العمل على تعزيز الوحدة الوطنية، وتكريس دور ومكانة النظام السياسي الفلسطيني، وتعزيز المقاومة الشعبية بكل أشكالها وفق خطة وطنية شاملة وقيادة واحدة وآليات عمل مركزية وفرعية لتتكامل الجهود لتعزيز تجذر الشعب على أرض الوطن، ونزع فتيل الفلتان وفوضى السلاح غير المشروع، الذي يقدم الذرائع المجانية للعدو الصهيوني لارتكاب المزيد من الإبادة الجماعية في الضفة الفلسطينية، ولقطع الطريق على مخططه الإجرامي، والعمل على وقف الإبادة الجماعية على أبناء شعبنا في قطاع غزة، وتأمين إدخال المساعدات الإنسانية بكافة مستوياتها، وتأمين الحماية الدولية للشعب، وتمكين منظمة التحرير ومؤسسات الدولة وحكومتها الشرعية في الولاية الكاملة على القطاع بسرعة، وصولاً للمؤتمر الدولي لتجسيد استقلال الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
في ذكرى الثورة الـ "60" تفرض الضرورة الوطنية على الكل الفلسطيني إحياء المناسبة تحت راية الوحدة الوطنية ومنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد، وتفويت الفرصة على الأعداء في الداخل والخارج، وكل عام والثورة الفلسطينية بخير والشعب الفلسطيني واحدًا موحدًا على الثوابت والأهداف الوطنية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها