مجددًا أعود لطرح ملف الفوضى والفلتان والتحريض على الفتنة والإساءة والطعن بأهلية ووطنية أجهزة الأمن الوطنية في مخيم جنين وغيره من المخيمات والمدن في محافظات الشمال القديم الجديد، الذي يستهدف المشروع الوطني والنظام السياسي والسلم الأهلي الفلسطيني. ولا أحد من الشعب الفلسطيني ضد المقاومة، ولكن أي مقاومة نريد؟ وما هي معاييرها الوطنية؟ وكيف نطور المقاومة ونحافظ على وحدة الشعب وأمنه وسلامته، وحماية مشروعه الوطني؟ وهل المقاومة تقوم على أخذ القانون باليد، ووضع العبوات الناسفة في السيارات وسط التجمعات الشعبية لقتل المواطنين جميعًا بما في ذلك رجال الأجهزة الأمنية درع الوطن وحماته، أم العكس؟.

وفي ذات السياق، هل تقوم المقاومة بإطلاق القذائف من وسط النازحين من أبناء قطاع غزة في اليوم الـ435 للإبادة الجماعية، كلما اقتربت الفرصة لإبرام صفقة تبادل الأسرى ووقف الإبادة وحرب الأرض المحروقة الإسرائيلية؟ وهل المقاومة تقوم على الاعتداء على أبناء الشعب، واغتيال المناضلين والوطنيين من أصحاب وجهات النظر المختلفة والرافضة للإبادة الإسرائيلية، وسرقة المساعدات الإنسانية والمتاجرة بها؟ وهل عنوان المقاومة يرتكز على التحريض ودس الفتنة في أوساط الشعب، ورفض الوحدة الوطنية. كما جاء في بيان حركة حماس أمس حول التطورات الجارية في مخيم جنين؟ وهل تقوم الوحدة على تشكيل لجنة إدارية كإطار مواز للحكومة الفلسطينية، ونقيض لها؟ وهل المقاومة ترتكز على إصرار حركة حماس على فرض أجندتها الفئوية على الكل الوطني، وتغليب حساباتها الخاصة على حساب المشروع الوطني؟ ولماذا تصر على التفرد بالمفاوضات وحدها لوقف الحرب؟ ولماذا ترفض الشراكة مع قيادة الشعب المتمثلة بمنظمة التحرير في إدارة المفاوضات؟ ومن هو صاحب الولاية على الشعب في الوطن عمومًا وقطاع غزة خصوصًا، حماس أم منظمة التحرير والدولة والحكومة؟ وأين المنطق الوطني، إن كانت هناك ذرة من الوطنية عند قادة حركة حماس ومن يدور في فلكها ومتاهاتها؟ أما آن الأوان لمراجعة الذات والانصهار في بوتقة الممثل الشرعي والوحيد منظمة التحرير للشعب الفلسطيني؟.

وأجزم أن القوى السياسية وقطاعات الشعب كافة تريد وتعمل من أجل تصعيد المقاومة الشعبية، وتسعى من أجل رص صفوف الشعب في بوتقة النضال تحت راية المنظمة، والمشروع الوطني وفق برنامجها السياسي والنضالي الموحد للشعب والنظام السياسي واستنادًا لمبدأ: سلاح واحد، وأمن واحد، وبرنامج كفاحي واحد ونظام سياسي واحد، وليس وفق منطق الفوضى والفلتان وأخذ القانون باليد، ومواصلة انتهاك مصالح الشعب العليا، والافتراض أن الفرصة حانت لفرض الأجندة الإخوانية المتناقضة مع ما تقدم. وبالتالي المطلوب من حركتي حماس والجهاد الإسلامي وأصحاب الشعارات الغوغائية، الذين ينادون بحماية "سلاح المقاومة" المنفلت والمستهدف وحدة الشعب، وتقديم الذرائع المجانية لدولة الإبادة الجماعية الفرصة تلو الأخرى لاستباحة الكيانية الفلسطينية. وأسأل هنا، من أين هذا السلاح؟ ومن هو مموله الرئيس؟.

للأسف الشديد وفي الوقت الذي تسعى فيه قيادة المنظمة والقوى الفلسطينية الوطنية لرص الصفوف، وتجسيد الوحدة وتصعيد المقاومة، والعمل على وقف الحرب، وتأمين إدخال المساعدات الإنسانية كافة، وحماية أبناء الشعب في الضفة والقطاع، وانسحاب جيش الاحتلال من الأرض الفلسطينية كلها وفي المقدمة منها قطاع غزة والعاصمة الفلسطينية القدس الشرقية، تعمل قوى الفتنة على تمزيق وحدة الشعب وفق مخطط عبثي يتناقض مع ألف باء الوحدة وأمن وسلامة الوطن والمواطن.

مرة أخرى، ومن موقع الحرص على الشعب ووحدته، وانتصاره وتعمقه ومواصلة مقاومته الوطنية تتطلب اللحظة السياسية استخلاص الدروس والعبر والتراجع عن الخيارات الفئوية والأجندات التي لا تخدم مطلق إنسان فلسطيني غيور على مصالح وأهداف وثوابت الشعب الوطنية. فهل تكف حماس في ذكراها الـ37 ومعها حركة الجهاد عن تلك السياسات العبثية؟.