الشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، وفلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير، وثقافتنا ذات جذور واحدة، ومصيرنا مشترك، لذلك اعتبرت حركة التحرر الوطنية الفلسطينية الثورة الفلسطينية المعاصرة عربية القلب فلسطينية الوجه، إنسانية وعالمية الأبعاد، فالشعوب العربية كانت وستبقى العمق الاستراتيجي التاريخي والطبيعي والثقافي والسياسي لشعبنا العربي الفلسطيني، ولكل شعب من شعوب الأمة العربية الحق بتحديد خياراته وطموحاته المستلهمة من واقعه، هذه مبادئنا كمناضلين في إطار حركة تحرر وطنية، درجت على احترام إرادة أشقائنا، وطموحاتهم الوطنية، وقرارهم الوطني المستقل، كأقوى وأمتن ضمانة لوحدة الشعب الوطنية، ووحدة أرض بلاده (دولته) المستقلة، بكل ما يعنيه مصطلح الاستقلال بوجوهه الثلاثة: السياسي والاقتصادي والثقافي، المرفوع على فكر إنساني تحرري تقدمي ديمقراطي، تمامًا كما نرى طبيعة وجوهر القرار الوطني الفلسطيني المستقل، الذي نراه أهم أسلحتنا الاستراتيجية لاستدامة نضالنا الوطني ضد منظومة الاحتلال الاستعمارية الصهيونية العنصرية، ولبناء دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، ليس على حدودها وأراضيها فحسب، بل على قراراتها النقية من أي تدخلات أو تبعية.

فالشعوب العربية تناضل لتحقيق أهداف تلائم كل مرحلة في مسارها نحو المستقبل، فمنها من حقق هدف جلاء قوات الاستعمار الأجنبي، ويعمل على التحرر من تبعية ما، كالاقتصادية مثلاً، أو للتخلص والخلاص من شبكة هيمنة سياسية من الدولة المستعمرة سابقًا، أو من دول كبرى، تتخذ أشكالاً جديدة (غير مباشرة) لتكريس المعنى الجديد للاستعمار، أما نحن في فلسطين فإننا نناضل للتحرر من منظومة احتلال استعماري استيطاني صهيوني عنصري، ما زالت مرجعيتها الرئيسة، ترتكز على قاعدتين أساسيتين: الأولى- إنكار وجود الشعب الفلسطيني وامتدادات جذوره الحضارية الإنسانية العربية، والأخرى- طمس حقنا التاريخي  والطبيعي بأرض وطننا فلسطين، وهنا يكمن الفارق الجوهري، بين واقعنا وواقع شعوب عربية، ما زالت تعمل على إزالة معيقات، مانعة لاستكمال تجسيد دائرة الاستقلال الوطني، بما فيها: استقلالية القرار السياسي، والتحرر من التبعية الاقتصادية، ورفع منارات الحقوق والحريات، والعدالة والمساواة، ورفع مستوى الوعي بتطبيقات الديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة، والاحتكام لدساتير وطنية، خالية من مصطلحات وبنود تكرس منافع ومكاسب فئوية مهما كان نوعها ومبعثها، وتقديس مبدأ "الوطن للجميع".

والأهم بعد كل ما ذكرنا، تسيير عجلة الوطن والدولة، بالاتجاه الصحيح، وبسرعة تتناسب وموضع ومكانة الوطن في الفكر والسلوك الفردي والجمعي على حد سواء، لدى الشعوب الحضارية الإنسانية المتقدمة، التي اعتمدت طاقة الحرية لبلوغ مقام المقدمة، لذلك نعتقد أن استقلال الشعوب العربية ودولها، ومنها الشعب السوري الشقيق، بالمعنى الذي طرحناه ونتمناه، سيكون رافدًا استراتيجيًا لنضال الشعب الفلسطيني، والعكس صحيح، أي أن تجربتنا في تطبيق معنى استقلالية القرار الوطني، وتطوير منهجنا السليم لرفع اركان مؤسسات دولتنا المستقلة، وتجسيد ذلك رغم مقاومتنا الشعبية السلمية الدائمة مع منظومة الاحتلال ميدانيًا على أرض فلسطين، وتعزيز مقومات صمودنا، ونضالنا القانوني والسياسي والدبلوماسي في المحافل الدولية، وتحقيق انجازات لصالح الحق الفلسطيني، لتثبيت فلسطين على خريطة الجغرافيا الطبيعية والسياسية للعالم، ستكون برهانًا لشعوب أمتنا العربية على أن فلسطين التي يعتبرونها قضيتهم المركزية، ستكون نموذجًا يحتذى به، سيبقى حيًا وحيويًا، ليس بفعل إرادة وعقلانية وطنية فلسطينية وحسب، بل بانسجام مبادئ التحرر والاستقلال الوطني، مع مبدأ المصير المشترك، الذي تساهم الأفكار والنظريات والقوانين والدساتير ذات الأصول والرؤى الإنسانية باتجاه حركة الزمان، التي أفلحت في مساراتها شعوب وأمم، لا تقل ولا تزيد، عما لدى شعوبنا وأمتنا من قدرات وعقول، فالحرية مفتاحنا السحري، لفتح أبواب سجون (الأنا الفئوية)، وتحرير عقولنا وأنماط تفكيرنا، للانطلاق في فضائها، لتقدير كيفية حماية حاضر الشعب وضمان الأمن والاستقرار والسلام والازدهار لمستقبله، وصون سيادته على أرض وطنه وضمان قراره المستقل.