الموت ثم الموت ولا شيء غير الموت، لقد أصبح من ينال الموت في غزة فهو محظوظًا لهول مشاهد القتل والتدمير وحرق الخيام والناس نيام، أو والناس واقفون في الطوابير أمام أفران الخبز. المشهد في غزة هو المرحلة الجديدة من تطور الحرب فيها. من شاهد قصف خان يونس ليلة أمس حَسِب أن بركانًا انفجر فيها، أو أن جهنم سقطت على المواصي بين الناس وفي مخيم النازحين فكان كل شيء يشتعل، الناس والحجر والخيمة والرمل كلها كان جزءًا من حجم النار على المواصي.

أين هو ترامب الذي أدلى بصرخاته منذ يومين بوجوب الإفراج عما سمي بالرهائن قبل تنصيبه في البيت الأبيض خلال الشهر القادم، عندما اشتكى له سارة ويائير نتنياهو بمنتجعه في فلوريدا. أين هم الذين نادوا بالقانون الإنساني خلال كل السنوات الفائتة.  لماذا خرست الألسن وهم يشاهدون المذابح تحت بصر ومرأى الجميع. غاب المنطق أمام المشهد وتوقف الكل عن الكلام المباح.

القصف الإسرائيلي المجنون والمرسوم وفق أجندة إسرائيلية، هو الذي قتل العديد من الرهائن الإسرائيليين في غزة. هم يعلمون الجيش، الاستخبارات، السياسيين الإسرائيليين وعلى رأسهم نتنياهو يعلمون أن هذا القصف المجنون من الممكن أن يصيب الرهائن الإسرائيليين. أعتقد اليوم جازمًا أن الساسة الإسرائيليين يبقون على الرهائن في غزة حتى وإن قتلهم الجيش الإسرائيلي لأهداف أصبح يعلمها القاصي والداني أولها قتل أكبر عدد من الفلسطينيين للتخلص من التضخم الديمغرافي الفلسطيني في غزة ويتحقق ذلك إما بالقتل أو التهجير القسري. قتل الرهائن الإسرائيليين يتحمل أسبابه فقط الحكومة الإسرائيلية وهم وحدهم الملامون على ذلك، لقد كانت الفرصة تلو الفرصة متاحة للحكومة الإسرائيلية لإنقاذ أكبر عدد من الرهائن ولكن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو رفض ذلك.

الهدف الاستراتيجي للحرب في غزة والذي تقوده إسرائيل ليس التخلص من حركة حماس بقد ما هو إنهاء الوجود الفلسطيني في القطاع، وهو هدف معد قبل السابع من أكتوبر من أهداف أحزاب اليمين الإسرائيلي في فرض الهيمنة والسيطرة والضم للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. ولهذا استخدام القوة المفرطة في حرب غير متكافئة، الطرف الإسرائيلي يمتلك كل وسائل تلك القوة المفرطة من عتاد وتكنولوجيا، في حين أن أبناء شعبنا مدنيين غير مسلحين إلا بإيمانهم في صمودهم على أرض فلسطين. ولا شك بأن هناك أهدافًا أخرى تريد أن تحققها إسرائيل من حربها واحتلالها لقطاع غزة اقتصاديًا، واستيطانيًا.

المشهد الدامي في قطاع غزة هو قتل بلا حدود، يدمي القلوب، جحيم يختلط بصرخات النساء والأطفال. فالمشهد هنا يتحدث عن استخدام قنابل الفسفور المحرمة دوليًا، ويقول: إن العدوان يتم بأسلحة ومعدات ما زالت قيد التجربة، لم يتم معرفة تأثيرها بعد، فقط تم استخدامها في القطاع، والدليل على  ذلك، هو تبخر جثث الشهداء التي تحدث عنها الأطباء والمراقبون في غزة.

سيكون لهذا الليل آخر، وإن بدى من غير آخر، والفلسطيني يرفض هذا المشهد مع كل المؤمنين بالعدالة، والرافضين للاحتلال والاستعمار. غزة ضاربة جذورها عبر التاريخ، وغدًا ستشرق نور الحرية على أرضها.