بقلم: زهران معالي

شن مستعمرون مسلحون هجومًا إرهابيًا، أمس الأربعاء، على بلدتي بيت فوريك شرق مدينة نابلس، وحوارة جنوبًا، أسفر عن إحراق منزلين وأربع مركبات وبقالة.

مع حلول الساعة الرابعة فجرًا، تسلل مستعمرون إلى حي الضباط غرب بلدة بيت فوريك، من مستعمرة "إيتمار" المقامة على أراضي البلدة، وأحرقوا منزلاً قيد الإنشاء يعود للمواطن محمد نايف حنني ومركبتين وبقالة تعود لابن عمه محمد ربحي حنني.

ويروي محمد ربحي حنني تفاصيل الهجوم الإرهابي، بأن ابنته (14 عامًا) بينما كانت في المناوبة على حراسة المنزل ليلاً، تفاجأت بهجوم أكثر من 20 مستعمرًا في ساحة المنزل بعدما قفزوا عن الأسوار.

ويشير إلى أنه سارع برفقة أفراد العائلة إلى صد هجوم المستعمرين الذين أحرقوا بقالة ومركبة في ساحة المنزل، وحاولوا إحراق بركس للأغنام قبل أن يتمكنوا من سرقة أربع رؤوس منها، فسارع إلى شرفة المنزل وبدأ بإلقاء الحجارة صوبهم بعدما حاولوا تحطيم نوافذ منزله لإلقاء قنابل حارقة، الأمر الذي أجبرهم على الهروب.

ويوضح حنني أن المستعمرين قبل قدومهم إلى منزله أحرقوا مركبته الثانية من نوع شحن المتوقفة في منزل قيد الإنشاء يعود لابن عمه محمد نايف حنني، ما أدى إلى احتراقها بالكامل، إذ كان يعمل عليها في مجال النقليات وتشكل مصدر دخل عائلته الوحيد.

وقبل خمسة أعوام، انتقل المواطن حنني إلى منزله الجديد في حي الضباط بحثًا عن الاستقرار، لكن سرعان ما انقلبت حياته رأسًا على عقب، خاصة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 الذي بدأ فيه الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، بالتزامن مع تصاعد اعتداءات المستعمرين في الضفة الغربية.

واضطر حنني برفقة بناته الخمس وجاره إلى إعداد جدول مناوبات ليلية لمراقبة تحركات المستعمرين؛ خشية من مهاجمتهم، بعدما تعرضوا لهجومين من المستعمرين منذ بدء الحرب، وفي ظل انفلات هجمات المستعمرين على ممتلكات المواطنين ومنازلهم.

ولم تمضِ سوى ساعات قليلة على نجاة عائلة حنني من هجوم المستعمرين على منزلهم في بيت فوريك شرقًا، حتى باغت المستعمرون عائلة أخرى في بلدة حوارة جنوبًا، بهجوم مماثل أدى إلى احتراق منزل ومركبتين للمواطن تيسير عودة.

وأظهرت صور كاميرا مراقبة مثبتة في أحد المنازل قدوم أكثر من 15 مستعمرًا ملثمين إلى البلدة من مستعمرة "يتسهار"، وتُظهر الصور المجموعة وهي تهاجم المنزل وتحرق المركبتين.

وتروي المواطنة أم حسان السبتي تفاصيل الهجوم على منزل عائلة ابنتها، بأن ابنتها تفاجأت عندما أرادت قطف النعناع من ساحة منزلها لتحضير الشاي لأطفالها قبل ذهابهم إلى المدرسة، باقتحام مستعمرين ساحة المنزل بعدما خلعوا المدخل الرئيس.

وتشير إلى أن ابنتها سارعت إلى الاختباء داخل المنزل وإغلاق المدخل، لكن سرعان ما حطم المستعمرون زجاج المنزل وألقوا زجاجات شديدة الاشتعال داخله، ما أدى إلى احتراقه، وأحرقوا مركبتين متوقفتين في ساحة المنزل قبل انسحابهم.

وتضيف: "لولا ستر الله لتعرضت عائلة ابنتي للاختناق والاحتراق، لكن نجوا بأعجوبة".
وتتابع قائلةً: هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض المنزل فيها لاعتداءات المستعمرين إذ أصيب حفيدي برأسه، وكذلك منزلي تعرض للحرق أكثر من مرة.

وخلال جولته التفقدية لبلدة بيت فوريك وتوثيق حجم الاعتداءات التي طالت ممتلكات المواطنين، استنكر محافظ نابلس غسان دغلس إحراق المستعمرين بيوت المواطنين ومركباتهم وممتلكاتهم في بلدتي بيت فوريك وحوارة، حيث حال الحاجز دون وصوله إليهما، مؤكدًا الوقوف إلى جانبهم في مواجهة هذه الاعتداءات المتكررة.
وأكد دغلس أن اعتداءات المستعمرين تأتي ضمن سياسة الاحتلال الممنهجة التي تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار في قرانا وبلداتنا، مشيرًا إلى أن هذه الممارسات العدوانية تسعى إلى إرهاب السكان ودفعهم إلى مغادرة بيوتهم وأراضيهم.

وشدد على أن القيادة الفلسطينية تعمل على المستويات كافة لمواجهة هذه الانتهاكات، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته والتحرك العاجل لوضع حد لهذه الممارسات التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.

وتشير إحصاءات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في تقريرها لشهر تشرين الثاني الماضي، إلى أن جيش الاحتلال والمستعمرين نفذوا 1396 اعتداءً بينها 310 اعتداءات نفذها المستعمرون، تركزت في محافظة رام الله بـ77 اعتداءً ومحافظة الخليل بواقع 73 اعتداءً، ومحافظة نابلس بـ63 اعتداءً، ومحافظة سلفيت بـ34 اعتداءً.

وتراوحت تلك الاعتداءات وفق التقرير بين هجمات مسلحة على قرى فلسطينية، وفرض وقائع على الأرض، وإعدامات ميدانية، وتخريب أراضٍ وتجريفها، واقتلاع أشجار، والاستيلاء على ممتلكات، وإغلاقات وحواجز تقطع أواصر الجغرافيا الفلسطينية.

ومنذ حرب الإبادة على قطاع غزة في أكتوبر العام الماضي، تصاعدت اعتداءات المستعمرين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم بالضفة الغربية، تحت حماية كاملة من جيش الاحتلال وغطاء من حكومة متطرفة، وأسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 25، إضافة إلى تدمير الممتلكات وإحراق الأراضي الزراعية.

وبالتزامن مع هجمات المستعمرين على بلدتي بيت فوريك وحوارة صباح يوم الأربعاء، قرر وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس، تقصير فترة الاعتقال الإداري ضد مستعمر متهم بتنفيذ هجمات ضد فلسطينيين في الضفة الغربية.

وذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن "كاتس قرر تقصير فترة الاعتقال الإداري للناشط اليميني المتطرف إيتاي بن تسوريا، المشتبه بتورطه في إشعال الحرائق وأعمال الشغب في القرى الفلسطينية بالضفة الغربية".
وأضافت: "من المتوقع إطلاق سراح بن تسوريا في الأسابيع المقبلة بدلا من آذار/مارس 2025".

والشهر الماضي، أعلنت وزارة جيش الاحتلال وقف إصدار قرارات اعتقال إداري ضد مستعمرين متهمين بمهاجمة فلسطينيين في الضفة الغربية.