بقلم: ريم سويسي
شهادات مروعة تتكشف يومًا بعد يوم عن الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق المعتقلين الفلسطينيين في سجونه، وسط ظروف قاسية ومهينة للكرامة الإنسانية.
يروي أحمد الحطاب (19 عامًا)، تفاصيل مروعة عاشها خلال اعتقاله في سجن "سديتي مان"، حيث تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي، ووصل الأمر إلى استخدامه درعًا بشريًا.
ويقول الحطاب: "أثناء اجتياح حي الشجاعية، نزحت مع عائلتي إلى مستشفى الشفاء بحثًا عن الأمان. لكن بعد اجتياح المستشفى، اعتُقلت بتاريخ 16 مارس الماضي، واقتادوني إلى سجن سديتي مان، هناك رأيت ألوان العذاب والموت بأم عيني".
يروي الحطاب تفاصيل الأشهر السبعة التي قضاها في المعتقل، واصفًا إياها بمرحلة "مرعبة": "مكثت في السجن وسط ظروف اعتقال مزرية تُحط من كرامة الإنسان. كنا محرومين من النوم، وتعرضنا للشبح، والضرب المبرح، إضافة إلى التحقيق معنا في ساعات متأخرة من الليل بينما كانت الكلاب البوليسية تُطلق نحونا لبث الرعب في نفوسنا".
وأضاف: "كان التحقيق شكلاً من أشكال التعذيب، حُرمنا من الأكل والنوم، فلم نحصل إلا على وجبة طعام واحدة يوميًّا، الجوع كان رفيقنا الدائم".
لم يقتصر التعذيب على الضرب والجوع فقط، بل شمل حرمان المعتقلين من النظافة الشخصية: "لم يُسمح لنا بالاستحمام سوى مرات قليلة جدًا، وكنا نُجبر على ارتداء الملابس نفسها لفترة تصل إلى خمسين يومًا. كما حُرمنا من استخدام الحمام، وأُبقينا طوال الوقت معصوبي الأعين ومقيّدي الأيدي".
ويتابع الحطاب: "كنا 120 شخصًا محشورين في غرفة صغيرة لا تتجاوز مساحتها العشرين مترًا، في بركس أشبه بالقبر. كانت عائلتي تسأل عن مصيري، لكن إدارة السجن كانت ترفض الإدلاء بأي معلومة عن مكان وجودي".
وحول أصعب المراحل التي عاشها في الأسر، يقول الحطاب بصوت مرتجف: "في منتصف فترة اعتقالي، استدعاني ضباط السجن، ظننت حينها أن الأمر يتعلق بجولة تحقيق جديدة، لكن المفاجأة كانت أكبر مما توقعت، أجبروني على ارتداء بزة عسكرية، وأركبوني في جيب عسكري واقتادوني إلى مدينة رفح".
ويضيف: "هناك، أعطوني كاميرا وطلبوا مني النزول إلى الأنفاق لتصويرها، حين رفضت تنفيذ المهمة، انهالوا عليّ بالضرب المبرح حتى أُغمي عليّ تحت وطأة الألم والضرب، قبلت المهمة رغمًا عني، لقد كانت واحدة من أكثر التجارب رعبًا في حياتي؛ الموت كان يحيط بي في كل زاوية داخل تلك الأنفاق".
ويكمل الحطاب: "لم يكتفوا بذلك. في مرة أخرى، اقتادوني إلى منازل في رفح، وطلبوا مني الدخول إليها كأنني جندي إسرائيلي. كانوا يستخدمونني درعًا بشريًا في مواجهة المخاطر، عشت حالة نفسية مريرة، وظننت أنني لن أعود حيًّا أبدًا".
وعن يوم الإفراج عنه، قال الحطاب: "تم إنزالي في منطقة صوفا، بين مدينتي رفح وخان يونس، وتركوني لمصيري في الشوارع ليلاً. كانت الكلاب تهاجمني في الطريق، ونجوت بأعجوبة بعد أن أُصبت بجروح عديدة. وصلت إلى مستشفى ناصر في خان يونس، ومكثت يومين تحت المراقبة الطبية لتلقي العلاج".
ويشير إلى أن معاناته لم تنتهِ بالإفراج عنه، قائلاً: "أنا الآن في جنوب القطاع، بينما لا تزال عائلتي عالقة في شمال غزة، لم ألتقِ بهم منذ أشهر".
قصة أحمد الحطاب ليست إلا واحدة من عشرات الشهادات التي يرويها المفرج عنهم من سجون الاحتلال، والتي تؤكد استمرار الانتهاكات الجسيمة بحق المعتقلين الفلسطينيين، في ظل صمت دولي مريب. شهادات تحمل بين طياتها الكثير من الألم، لكنها في الوقت ذاته تُبرز صمود الفلسطينيين رغم محاولات القهر والإذلال.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها