لأول مرة في تاريخ الأمم المتحدة تحتل فلسطين موقعها بين مجموعة دول هيئة الأمم المتحدة 193، بعد قرار الجمعية العامة في العاشر من أيار/ مايو الماضي بأغلبية 143 صوتًا، الذي أقر، بأن دولة فلسطين مؤهلة للاعتراف بها كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، ردًا على الفيتو الأميركي في الثامن عشر من نيسان/أبريل الماضي، رغم تصويت 14 دولة لصالح مشروع القرار. مع أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لا يغير من وضعية دولة فلسطين، كدولة مراقب، لكنه يمنحها صلاحيات الدول كاملة العضوية، ومنها: الحق في الجلوس بين الدول الأعضاء حسب الترتيب الأبجدي؛ وحق التسجيل في قائمة المتحدثين في إطار بنود جدول الأعمال، غير البنود المتعلقة بقضيتي فلسطين والشرق الأوسط؛ والحق في الإدلاء ببيانات باسم مجموعة ما، إلى جانب ممثلي المجموعات الرئيسية؛ والحق في تقديم، والمشاركة في تقديم مقترحات وتعديلات وعرضها، بما في ذلك باسم مجموعة ما؛ والحق في تقديم تعديلات للتصويت باسم الدول الأعضاء في مجموعة ما؛ وحق الرد فيما يتعلق بمواقف مجموعة ما؛ والحق في أن ينتخب أعضاء وفد فلسطين لعضوية مكتب الجمعية العامة ومكاتب اللجان الرئيسية التابعة لها؛ والحق في المشاركة الكاملة والفعالة في مؤتمرات الأمم المتحدة والاجتماعات الدولية التي تعقد تحت رعاية الجمعية العامة.
وتجسيدًا للمكانة الجديدة لدولة فلسطين في هيئة الأمم المتحدة، عقد سفير دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، اجتماعه الرسمي الأول مع رئيس الجمعية العامة فلمون يانج لترؤسه الجمعية العامة في دورتها الـ79، في مقره في الأمم المتحدة أمس السبت الرابع عشر من أيلول/سبتمبر الحالي. وتمت مناقشة ترتيبات الجلسة الطارئة المستأنفة العاشرة حول مشروع القرار المقدم من دولة فلسطين، بشأن فتوى محكمة العدل الدولية التاريخية، التي أكد رأيها الاستشاري، أن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ومستعمراته المقامة في أرض دولة فلسطين المحتلة عام 1967 باطل، ولاغٍ، ويجب إنهاؤه فورًا، والانسحاب الكامل من أرض الدولة الفلسطينية مع مستعمراته بشكل كلي بما فيها القدس الشرقية كاملة دون انتقاص أو مبادلة لأية أراض مع إسرائيل، والتعويض على الشعب الفلسطيني، والذي يفترض أن تتم مناقشته يوم غد الإثنين، ويجري التصويت عليه يوم الأربعاء المقبل وقبل افتتاح دورة الجمعية العامة الـ79، الأمر الذي أثار حفيظة وغضب حكومة الائتلاف الحاكم الإسرائيلية الفاشية، وهدد قبل أربعة أيام يسرائيل كاتس، وزير خارجية إسرائيل القيادة الفلسطينية في حال مطالبتها الجمعية العامة بالتصويت على فتوى محكمة العدل الدولية بتفكيك مؤسسات الدولة الفلسطينية، وسبقه بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، بالقول، أن أضعف أعدائنا "السلطة الفلسطينية"، هي الخطر الأكبر على إسرائيل، ويجب تفكيكها وتجفيف مواردها ومكانتها للحؤول دون استقلال الدولة الفلسطينية.
إذن ارتقاء مكانة دولة فلسطين في الأمم المتحدة نقلة نوعية جديدة في الأمم المتحدة، ويعتبر تحولاً هامًا، وخطوة متقدمة على طريق الإقرار الأممي برفع مكانتها كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، حيث طالبت الجمعية العامة في قرارها في العاشر من أيار/مايو مجلس الأمن الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية بالتجاوب مع قرارها الدولي لأن دولة فلسطين تستحق مكانتها كدولة كاملة العضوية.
وكما أشرت في مقالات سابقة، أن القرار الجديد، أسقط كل القوانين وقرارات الحكومات الإسرائيلية السابقة ودورات الكنيست المتعاقبة بشأن ضم القدس أو أي جزء من أرض الدولة الفلسطينية، وألغى الاستيطان الاستعماري من ألفه إلى يائه، واعتبره غير شرعي ومتناقضًا مع قرارات الشرعية الدولية، وهذا سيضاعف من أزمة الائتلاف الحاكم والقوى والأحزاب الصهيونية المعادية للسلام، ولحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وحق دولته في الاستقلال الناجز على أرض فلسطين المحتلة في الرابع من حزيران/يونيو 1967.
أضف إلى أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بدد سلفًا المشاريع المشبوهة القديمة والجديدة، التي حاول القائمون عليها من الفلسطينيين والإسرائيليين وغيرهم تقديم تنازلات مجانية على حساب الحقوق والثوابت الوطنية. وبالضرورة سيساهم هذا التحول في تعزيز مكانة الشعب والقضية والدولة الفلسطينية في أوساط الهيئات والمنابر الأممية والإقليمية والعربية، ويعطيها زخمًا إضافيًا، وسيضعف من مكانة وعزل دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، رغم كل محاولات الولايات المتحدة البائسة في تغطية جرائم الإبادة الجماعية الإسرائيلية، وكسر تمردها واستباحتها للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها