حلت الذكرى ال60 لتأسيس منظمة التحرير أول أمس الثلاثاء 28 مايو الحالي مع اعتراف 3 دول أوروبية بالدولة الفلسطينية، ومع تعاظم التضامن العالمي الرسمي والأهلي مع الشعب العربي الفلسطيني رفضًا لحرب الإبادة الجماعية الوحشية، التي دخلت منذ أسبوعين تقريبا شهرها ال8، وأدمت قلوب أبناء شعبنا الفلسطيني، جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة، ودعمًا لحقه في الحرية والاستقلال والسيادة على ترابه الوطني وحقه في تقرير المصير والعودة، وحتى ان هناك قطاعات واسعة من الرأي العام العالمي نادت بتحرير فلسطين من البحر الى النهر، لإدراك تلك القوى أن هناك ظلما تاريخيا وقع على كاهل الشعب الفلسطيني عقب إنشاء الغرب الامبريالي دولة إسرائيل اللقيطة على انقاض نكبته الكبرى في مايو 1948. كما أن ثورة الطلاب فرضت على جامعاتها أن كان في الولايات المتحدة أم في الاتحاد الأوروبي الغاء وسحب استثماراتها في المستعمرات الإسرائيلية او في إسرائيل النازية عمومًا.
ورغم ولوج حرب الإبادة الجماعية الصهيو أميركية شهرها الثامن وهول وفظاعة ووحشية ما ارتكبته إسرائيل النازية بقيادة نتنياهو وعصابته من زعران وقطاع طرق الصهيونية الدينية، إلا أن الشعب العربي الفلسطيني أكد ويؤكد تمسكه بمنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلاً شرعيًا ووحيدًا له، ولم ولن يسمح للقوى الطارئة على المشهد بالالتفاف على دورها ومكانتها كممثل شرعي ووحيد. وهي مناسبة للتأكيد للقاصي والداني في دولة النازية الإسرائيلية ومن خلفها الولايات المتحدة ومن يدور في فلكهم، إن المنظمة كانت وستبقى العنوان الفلسطيني الأول، والممثل الوحيد، ولا ممثل شرعي لهم غيرها، ومن يريد التعامل مع ملف القضية الفلسطينية من الألف إلى الياء عليه ان يعود للشعب العربي الفلسطيني وقيادته الشرعية وأن يطرق باب المنظمة، لأنها هي الجهة الوحيدة المؤهلة للتقرير في المصير الوطني وفق برنامج الاجماع والثوابت الوطنية. وبالتالي على قيادة دولة العصابة الصهيونية وسادتها في واشنطن ان يكفوا عن العبث والتآمر على دور ومكانة قيادة المنظمة. لا سيما وان تجربة العقود ال6 الماضية أكدت للجميع، أن "م. ت. ف" عصية على الانكسار والتطويع، ليس هذا فحسب، بل تمكنت بفضل براعة وحكمة قيادتها من تحطيم وكنس الأطر البديلة من المشهد الوطني، ومازالت المظلة الجامعة للكل الوطني الفلسطيني.
كما لن تسمح قوى منظمة التحرير الوطنية تجاوز مكانتها في زمن حرب الإبادة الوحشية الإسرائيلية الأميركية، وإذا فصيل ما شذ عن القاعدة فمآله فقدان بوصلته الوطنية، وخروجه عن الركائز الناظمة لفصائل وأحزاب المنظمة وبرنامجها الوطني الجامع، وسيخسر رصيده الكفاحي، وسيكون تابعًا ضعيفًا ومهانًا لأجندات قوى جاءت من رحم مشاريع متناقضة مع روح المشروع الوطني، وإن تلفعت بثياب ليست لها، وحتى لو فرضت على الشعب نكبة كارثية أعمق من النكبة الكبرى 1948 باسم "المقاومة"، وأعتقدت أنها باتت تقرر بمصير الساحة، فإن تجربة حرب الإبادة الوحشية وتداعياتها تؤكد ان منظمة التحرير مازالت هي العنوان والممثل الشرعي، وهي القادرة استنادا للشعب وقواه الوطنية ومؤسسات الدولة الفلسطينية على حماية المشروع الوطني، وتكريس مصالح وثوابت الشعب السياسية والقانونية، وانجاز الاستقلال التام لدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على كل الأراضي المحتلة في اعقاب 4 يونيو 1967.
مع ذلك، فإن تجربة حرب الإبادة الجماعية أكدت للجميع من قيادة المنظمة إلى القيادات الأخرى كافة، إن خيار الوحدة الوطنية، هو السبيل الوحيد لحماية المشروع الوطني، والتصدي للعدو الصهيو أميركي ومن لف لفه، وتحت راية منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد، وعلى من يريد أو يدعي بأنه شريك في مقاومة الأعداء، أن يعود إلى جادة الصواب وينضوي في أطر المنظمة ليكتسب شرعية وجوده، ومشاركته في الدفاع عن مشروع استقلال الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وكنس الاستعمار الإسرائيلي النازي من تراب الوطن، وحماية أبناء الشعب من التهجير القسري والتطهير العرقي والعنصرية الصهيونية المتوحشة.
ولا يمكن تحقيق ذلك، إلا باستنهاض دور ومكانة المنظمة، وإعادة الاعتبار لهيئاتها القيادية اللجنة التنفيذية للمنظمة، والمجلس المركزي، وعقد الاجتماعات الدورية والمنظمة وفق اللوائح الداخلية. لأن بقاء الحال على ما نحن عليه لا يبشر بالخير، ويترك ندوب مرضية تنعكس سلبًا على ما تقدم أعلاه، وبالتالي من ينادي ويدافع وينافح عن مكانة المنظمة، عليه أن ينادي بشجاعة أولاً وثانيًا وعاشرًا ويطالب القيادة بالابتعاد عن السياسة الانتظارية والمراوحة في ذات المكان دون تحريك دورة الحياة في جسد المنظمة وهيئاتها القيادية. لا سيما وأن حرب الإبادة الجماعية وأهداف إسرائيل وأميركا لم تعد خافية على أحد، فهم يسعون جادين إلى تصفية القضية الوطنية، وتبديد مؤسسات الدولة الفلسطينية، ونفي الشعب من الوطن الفلسطيني برمته، ومن يبقى سيبقى عبدًا ومأجورًا لمشروعهم الاستعماري، الأمر الذي يستدعي من الجميع التقاط اللحظة الراهنة لدعوة الهيئات القيادية للانعقاد، وتنفيذ القرارات السابقة للمجلسين الوطني والمركزي واشتقاق برنامج سياسي جديد يستجيب لتحديات المرحلة الراهنة واللاحقة، والعمل على خلط الأوراق كلها، وقلب الطاولة رأسًا على عقب، وإما نكون، وإما لا نكون، وسنكون كما نريد.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها