تهديدات "سموتريتش، وبن غفير" ودعواتهما لتدمير السلطة الوطنية الفلسطينية، هي تهديدات ودعوات، أقل ما يمكن أن يقال عنها، إنها من سياسات إرهاب الدولة المنظم، التي يرعاها الغرب الاستعماري، طالما ظلت دون إدانات عملية واضحة من قبل هذا الغرب. وبلا تنافخ ولا من أي نوع كان، نعرف ونؤمن أن هذه التهديدات والدعوات، لن تخيف شعبنا الفلسطيني، وسلطته الوطنية، ولكن هذا لا يعني أن نتجاهلها، وندعها تمضي إلى حال سبيلها، وإن كنا نراها ثرثرات "العابرين في الكلام العابر" وسبق لشاعرنا الكبير الراحل محمود درويش أن رأى ذلك بتفصيل بليغ في قصيدته التي اقتبسنا منها التعبير والعنوان أعلاه، وإن كنا نرى كما رأى شاعرنا، فإننا نرى أيضا لكي لا نتجاهل هذه الثرثرات، أن صمودنا الوطني هو ما سيجعل في المحصلة تهديدات وتوعدات "سموتريتش وبن غفير" تذهب أدراج رياح هذا الصمود، فلنا ومثلما قال شاعرنا في القصيدة ذاتها "لنا في أرضنا ما نعمل / لنا الماضي هنا/ ولنا صوت الحياة الأول/ ولنا الحاضر والحاضر والمستقبل" بالطبع بالقصيدة نحصن روح المعنويات، ونعززها، وبها، وبسواها من العمل النضالي البناء، والسياسات الحكيمة، والحكم الرشيد، نكرس صمودنا ونثبت أقدامنا على أرضنا، فهذا ما يغيظ الاحتلال، وما سيجعله عابرا في المحصلة، شاء ذلك أو لم يشأ.
والقصيدة والعمل النضالي الوطني البناء، مبعث الحصانة المعنوية، وليست رصاصة القرار المنفرد، ولا خطابات الناطق العسكري الشعبوية، ولا استعراضات شاشات الخديعة، التي تطعم وتلبس محلليها السياسيين والعسكريين، كل هذه الحال الاستعراضية البعيدة عن العمل الوطني، لا علاقة لها برفع المعنويات، ولا على أية مستوى، بل هي مبعث للخدر، وتعميم الوهم، وقد ثبت على وجه الخصوص أن رصاصة القرار المنفرد إنما هي رصاصة العبث المهلك، ومشهد الخراب المهول في قطاع غزة ما يؤكد ذلك.
لن يفهم "سموتريتش" وصنوه "بن غفير" ما نقوله هنا في هذا الإطار، لأن اليميني العنصري المتطرف يظل أبدًا عديم البصيرة، وهو الذي عادة ما يكون في تلك الحفرة، والذي يواصل الحفر فيها بنشوة عمياء، متوهمًا أن ذلك ما يجعلها حصنا، بينما هي لن تكون غير هاوية لن تحمد عقباها، وعلى هذا لا نرى" سموتريتش وبن غفير" معضلة لنا، بقدر ما هما عابران في كلام عابر. ونراهما في الجانب الآخر معضلة لإسرائيل، معضلة متفاقمة، وقد سبق للكاتب الصحفي الإسرائيلي "ناحوم بارنياع" أن أوضح ذلك، وبينهما معضلة خطيرة، بعد أن وصفهما بأنهما من مشعلي النيران في الساحة الإسرائيلية، ودعا بسبب ذلك لإعادة عظام "هرتزل" إلى موطنه في النمسا، لأن إسرائيل لم تعد مع الصهيونية الدينية، تلك التي تحدث عنها "هرتزل" وعلى ما يبدو أن المستوطن "سموتريتش" والعراقي الكردي "بن غفير" هما من سيحمل عظام "هرتزل" إلى النمسا، ليعودا إن عادا إلى إسرائيل، وقد باتت خاوية من مستلزمات التحضر، التي تحقق عادة الأمن والاستقرار والبقاء.
ومن مستلزمات التحضر ولا شك، التعقل والتخلص من العنصرية، والتطرف، والإرهاب، لصالح التفتح الإنساني الذي يؤمن سلام العيش المشترك، دون احتلال ومستوطنات، وبالطبع لن يكون هذا غير سلام فلسطين، في دولتها الحرة المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها