يعيش الإسرائيليون حالة إنكار، وخطاب ادعاء معاداة السامية ومعاداة إسرائيل، وتبجحها وغطرستها.
قدمت إسرائيل بنفسها ادلة ادانتها في دعوة جنوب افريقيا لمحكمة العدل الدولية، ولا حاجة لملاحظة أن الفجوة بين الخطاب الإسرائيلي الداخلي والخطاب الدولي فيما يتعلق بالحرب كبير جداً. ليس فقط ادعاء الصدمة، بل هي طبيعة المجتمع الاسرائيلي الاستعماري الاستيطاني والعنصرية القائمة على التطهير العرقي، قرر ارتكاب حرب إبادة في غزة بدون توقف حتى تهجير الفلسطينيين.

ادعاء أن خلفية ذلك هو الشعور بالصدمة حول ما حرى في السابع من تشرين الاول/ أكتوبر ، هو تنفيذ الشعار المرفوع التي تبنته إسرائيل أنه لا خيار، وإسرائيل ليست بحاجة لشرح وتفسير موقفها.
وهي التي حولت غزة إلى مكان غير صالح للسكن من أجل تهجيرهم، وقتل 23 ألفاً فلسطيني منهم، 10000 طفل و 7000 إمرأة.

وهذا بحد ذاته موقف وقح، والاعتقاد بان العالم لا يسمع ولا يرى، هو الفجور بحد ذاته. العالم يرى كل شيء صوراً تنتجها إسرائيل وجيشها يومياً، وتصريحات الوزراء والعسكريين في الجيش وخارجه ووسائل الاعلام والصحافيين، والمؤثرين في ما يسمى المجتمع المدني. لا يمكن تصورها في دول العالم الديمقراطية وغير الديمقراطية، والتوقع بأن المحكمة سترد القضية من خلال تفسيراتها التي ستقدمها.

لن تضطر دولة جنوب أفريقيا إلى إثبات أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة من أجل الحصول على أمر قضائي مؤقت. إن التحدي المطلوب امام إسرائيل، يتعين عليها، أن تثبت أن ظروف الحرب الإسرائيلية الجارية في غزة تشكل خطر انتهاك الحظر الذي تفرضه الاتفاقية.

السوابق التي فصلت فيها المحكمة، مثل قضية غامبيا اعتمدت على تقارير لجان الأمم المتحدة، لتحديد ما إذا كانت الظروف التي تبرر إصدار أمر مؤقت موجودة.

حسب بعض الباحثين الاسرائيليين الذين ادعوا أنه لا توجد مثل هذه التقارير فيما يتعلق بالحرب في غزة، ولكن هناك تسع صفحات في عريضة الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا مليئة بأكثر من 60 اقتباسًا تدعي أنها تظهر نية التدمير .
‏25 شخصية إسرائيلية ابتداء من رئيس الدولة اسحاق هرتسوغ، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وعدد 7 من الوزراء، و6 من القادة العسكريين، 13 عضوًا في الكنيست، 9 من المؤثرين في المجتمع المدني، وفي مقدمتهم رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي السابق جيورا ايلاند، والذى تحدث اكثر من مرة في وسائل الاعلام الاسرائيلية ووثق ذلك في مقال في صحيفة يديعوت احرنوت، وحرض وطالب الحكومة بمنع ادخال المساعدات الانسانية والوقود والادوية لغزة، وذلك سيساعد على انتشار الأمراض والأوبئة، وهذا سيضغط على قيادة حماس للاستسلام.


والآن تسبب المجاعة والمرض


‏ومنع المساعدات الإنسانية المناسبة. وهذه أحد اركان تهمة الابادة الجماعية.
الحقبقة أن المجتمع الاسرائيلي يعيش حالة من الغباء وفقاعة وعي، والنظام الامني والسياسي كما في اعتى الديكتاتوريات، التعتيم وفرض الرقابة العسكرية الشديدة على تدفق المعلومات وتزويده بمعلومات وصورة جزئية للواقع.

إن عدم فهم كيف تبدو الأمور من الخارج لم يفيد إسرائيل على الإطلاق، والادعاء انها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة العربية وجزء من ما يسمى العالم الحر، ومع هذا الخطاب العام امام العالم، وفضح حقيقة ديمقراطية إسرائيل.

في إسرائيل هناك من يحذر، والقول انه يجب على إسرائيل أن تتحرك فوراً وبشكل فعال، قانونياً وعلنياً ووقف المسؤولين المنتخبين الذين يتحدثون بلغة الإبادة الجماعية، وعلى إسرائيل أن تعلن أن جميع سكان غزة سيكونون قادرين على العودة إلى منازلهم بمجرد انتهاء القتال.

إسرائيل لم تتوقف، وعين نتنياهو رئيس المحكمة العليا السابق أهارون باراك أن يقود الفريق الاسرائيلي للدفاع عن موقفها في لاهاي، وبرغم الجدل في إسرائيل، اعتبر كثيرين من الإسرائيليين إنها خطوة مهمة بعد 7 تشرين الأول/ اكتوبر وتجلي للوطنية الإسرائيلية. وانها ضمن تأتي في سياق الوحدة الداخلية والتعبئة الجيدة والعودة الى تاريخ 6 تشرين الاول/ أكتوبر.

وفيما يتعلق بتعيين باراك هناك من انتقد ذلك من بعض المحسوبين على اليسار الرديكالي، وكتبت الصحافية ورئيسة مجلس إدارة بيتسيلم لحقوق الانسان، أورلي نوي: أن أهارون باراك كرس حياته المهنية كلها في شرعنة جرائم الاحتلال من ناحية، ولحماية واجهة الديمقراطية الإسرائيلية، من ناحية أخرى. ويكتشف الآن أن الدرع القانوني الذي عمل بجد من أجله لن يكون كافياً، وسيكون هناك هو نفسه من سيضطر إلى القتال من أجله في لاهاي. وأضافت وأنا أوافق بالتأكيد على أن باراك هو الشخص الأنسب لتمثيل إسرائيل في لاهاي. يذهب إلى هناك للدفاع عما أصبح مهمة حياته، إضفاء الشرعية على كل جريمة من جرائم الاحتلال، على الرغم من كل مظالمه، مع حماية الواجهة الديمقراطية لإسرائيل.

هذا هو الرجل الذي حول المفهوم القائل بأن إسرائيل يمكنها أيضاً الحفاظ على احتلال لا نهاية له (طويل الأمد، بلغته)، بينما تحرم الفلسطينيين على نطاق واسع من حقوقهم وكرامتهم وممتلكاتهم وأرضهم، وكذلك البقاء ديمقراطيين، إلى دولة ديمقراطية، عقيدة قانونية.

إن الحكم المتعلق بالتدابير المضادة لم يُكتب من أجل الجيش فقط. ولعله أحد أهم الوثائق القانونية المكتوبة في إسرائيل من وجهة نظر توضيحية. وهو يشبه في جوهره أحكاما أخرى كتبها أهارون باراك، خاصة حول جدار الفصل العنصري . أحكام موجهة إلى المجتمع الدولي. الذي يدرس بدقة تصرفات إسرائيل في الاراضي المحتلة. والوتر الأخير للرئيس المتقاعد باراك هو الدفاع الحساس عن الوضع المستحيل لإسرائيل وحربها المستمرة على (الإرهاب)، هناك أمل على الرغم من اهتزاز منظومة القانون الدولي وحقوق الإنسان وتفصيل ذلك وفقاً لرغبات إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبا المركزية بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وتمسك المسؤولين فيها بالتصريح أنهم لا يفضلون وقف اطلاق النار.
وتصريحات وزبر الخارجية الأميركي انتوني بلينكن أن الدعوة في محكمة العدل الدولية من قبل جنوب إفريقيا يشتت جهود احتواء التصعيد في المنطقة. يأكد أنه وإدارته شريك في الحرب. وتسويق الوهم بعد تقدم الفلسطينيين للمحكمة الجنائية بشكوى، والسياق الذي انتهجته ومقايضة السلطة الفلسطينية، بين المفاوضات وجهود السلام. ومطالبة الفلسطينيين بمحاسبة المسؤولين الاسرائيليين في ارتكابهم جرائم ضد الفلسطينيين.