تدخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" مع فجر هذا اليوم عامها التاسع والخمسين، وما زالت على عهدها فلسطينية الروح والجسد، وطنية لا تقبل الوصاية، والتبعية، والاحتواء، بعيدة الرؤى، واقعية المقاومة، بليغة السياسة، خصيمة الخطابات الشعبوية، وحليفة العقد الاجتماعي، لنزاهة انتاجية أجدى، وتطور حضاري أرقى.
"فتح" ما زالت على عهدها هذا، وهذا ما جعلها، وما زال يجعلها هدفا لأعداء فلسطين، أعداء قضيتها، وتطلعاتها وأهدافها العادلة، والمشروعة، وهدفا كذلك لأعداء الوطنية الفلسطينية، ويمكن الجزم أن من أكثر الفصول دراماتيكية في سيرة حركة فتح، وتاريخها، هي فصول معاركها ضد محاولات تدميرها، وتصفيتها، وما زالت هذه المحاولات قائمة حتى اللحظة، تحت شعارات، وذرائع، وفبركات شتى، وبأدوات تتنوع مشارب تمويلاتها، وارتباطاتها، ومذاهب سياساتها..!! 


كان رأس حركة "فتح"، وما زال هو الرأس المطلوب قطفه، عند مختلف قوى التناقض الرئيس، وحتى الثانوي، وليس فقط لأنها حامية المشروع الوطني، والساعية في دروب تحقيقه، وانجازه واقعًا لا يقبل التحريف، والتزييف، وإنما أيضًا لوأد فكرتها الجوهرية، القائمة على استقلالية القرار الوطني، وتحصين الهوية الوطنية، ضد مختلف أشكال التبعية، وضد مختلف اشكال التخندق العقائدي، والفكري، والسياسي الضيق، والمغامر، والعدمي..!!! 
وبعيدًا عن أي تنظير، وسرد لتاريخ حركة "فتح"، وسيرتها الملحمية، وما أنجزت وحققت حتى اللحظة، وهو الجزيل النوعي، لا الكمي تمامًا، الذي لا تستطيعه هذه الكلمة لجزالته، بعيدًا عن هذا السرد لوصف حركة "فتح"، نرى ما كتبه شاعرنا الكبير محمود درويش في ديوانيه "عاشق من فلسطين" هو أكثر، وأصوب وأوضح ما يلائمها من وصف، حين يناجيها الوطني المحب، والمخلص، والأصيل "فلسطينية العينيين والوشم/ فلسطينية الاسم/ فلسطينية الاحلام والهم/ فلسطينية المنديل والقدمين والجسم/ فلسطينية الكلمات والصمت/ فلسطينية الصوت/ فلسطينية الميلاد والموت/ حملتك في دفاتري القديمة نار اشعاري/ حملتك زاد اسفاري/وباسمك صحت في الوديان/ خيول الروم اعرفها/ وإن يتبدل الميدان/ خذوا حذرًا من البرق الذي صكته اغنيتي على الصوان/ انا زين الشباب، وفارس الفرسان أنا. ومحطم الاوثان/".


هذه هي "فتح"، وهؤلاء أبناؤها هم من يرددون ذلك، وهم يعرفون خيول الروم، والسائرون خلفها سير العبيد والذيول. 
فتح الفكرة البهية التي لا تموت، وفتح الفكرة الرسالية التي لا تهزم، و"فتح" الواقعية في مراجعاتها ونقدها ومحاسباتها، فلا تكلس، ولا تحجر، ولا مداهنة، ولكل مرحلة فرسانها، وقادتها التاريخيون رموز خالدة.