قبل أن يغادر إسرائيل إلى دبي صباح أمس الجمعة الأول من كانون اول / ديسمبر ب3 دقائق اشعل فتيل حرب الإبادة مجددًا على قطاع غزة، بعد إنتهاء الهدنة الشكلية لثمانية أيام، الهدف الأساس منها الإفراج عن بعض أسرى الحرب الإسرائيليين والأميركيين والروس والتايوانين. والذي تقرر في اجتماع كابينيت الحرب الإسرائيلي، الذي شارك فيه. ولإظهار تباين وخلافات بين موقف الوزير الأميركي وجنرالات الحرب الإسرائيليين، قامت وسائل الاعلام الإسرائيلية من موقع "واللا" إلى "قناة كان 11" إلى "القناة 12" إلى صحيفة "معاريف"، حرصت جميعها على إبراز ما يسمى تناقضات بين الإدارة الأميركية وإسرائيل لتضليل الرأي العام الأميركي. 


وما يسمى التناقضات بين انتوني بلينكن وكابينيت الحرب، التي جرى تسريبها بعد الاجتماع الذي جمعهم برئاسة نتنياهو يوم الخميس 30 تشرين ثاني / نوفمبر الماضي حسب تلك الوسائل، المشاركة بقوة في تبني والدفاع عن رواية وخطط حكومة الطوارىء الإسرائيلية تمثل في أولاً التباين في زمن مواصلة الحرب؛ ثانيًا بشأن توسيع عمليات الاجتياح البري للمناطق الجنوبية. ونقلاً عن مصدرين وصفًا بالمطلعين على وقائع الاجتماع، كما اعلن موقع "واللا"، أشارت إلى أن التقديرات التي عرضها رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي تفيد بأن عمليات الجيش في شمال وجنوب القطاع، قد تستمر لمدة "تزيد عن بضعة أسابيع أخرى" في حين ذكرت هيئة البث الإسرائيلية "كان 11"، ان أعضاء الكابينيت أكدوا امام رئيس الديبلوماسية الأميركية، على ان "الحرب على غزة غير مقيدة بعنصر الزمن. فيما ذكرت "القناة 12" أن الوزير الأميركي قال لأركان الحرب، أنه "لن يكون بمقدوركم الاستمرار بالعملية العسكرية لأشهر".

 
وكان أصدق تعبير عن تلك التباينات والاجتهادات، هو ما عبر عنه المصدر المسؤول لموقع "واللا"، بأنها "تبادل صادق لوجهات النظر". بتعبير آخر، لايوجد خلاف على مبدأ مواصلة الحرب، ولا على استخدام الأسلحة كافة الجوية والبرية والبحرية لتحقيق اهداف الطرفين الصهيو أميركي، وكل ما أثاره بلينكن بشأن حرب الإبادة، أن لا تكون بالحجم والكثافة التي تجري حاليًا. لأن ذلك "سيزيد بشكل كبير من الضغوط الدولية على إسرائيل والولايات المتحدة." بمعنى اقتلوا واستبيحوا ما شئتم من الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين، لكن جزئوا حجم وثقل قنابلكم وصواريخكم، وغطوا جرائم حربكم قدر المستطاع. مع العلم أن الرئيس الأميركي خلال اتصالاته المتكررة، طلب من نتنياهو "إجراء مشاورات بشأن الخطط العملياتية للجيش الإسرائيلي، قبل الشروع بالهجوم على محافظات الجنوب،" لوضع خطط حربية لا تثير ردود أفعال على البيت الأبيض وإسرائيل نفسها. 


وهذا ما عكسه مقال الكاتب الإسرائيلي، تل ليف رام، المنشور في صحيفة معاريف يوم الاربعاء الموافق 29 تشرين ثاني / نوفمبر الماضي، الذي حمل عنوان "إستئناف الحرب في غزة سيتم بناءً على قواعد أميركية." الذي اكد على ذات النقاط الواردة أعلاه، مضيفا ان بلينكن أعاد التأكيد على، أن الإدارة تقف بقوة إلى جانب إسرائيل، وتدافع عن حقها في الدفاع عن النفس، وليغطي جريمته أرفق ذلك بلازمة لا تستقيم مع المنطق بقوله "وفق القانون الدولي"! وهذا الامر اشرت له مرارا، بانه يتنافى مع ابسط معايير القانون الدولي. وشدد رئيس الديبلوماسية الأميركية "يتعين على إسرائيل تغيير طريقة الهجوم، وعدم تكرار ما فعلته في شمال قطاع غزة." وليضفي نوعا من الكوميديا السوداء، ردد الجملة التي لا يعنيها، وتتناقض مع قرار واشنطن الداعم "لحق إسرائيل بالدفاع عن نفسها." و"إعطاء الضوء الأخضر لاشعال نيران حرب الابادة" واستمراءً لسياسة التضليل والاكاذيب طالب إسرائيل "بتجنب العمل حيث يتركز السكان والنازحين وإجلاء عدد أقل من السكان، وتنفيذ هجمات أكثر دقة لتجنب الاضرار بالمدنيين، وعدم الاضرار بمنشآت الأمم المتحدة".


ولا أضيف جديدًا عندما أجزم، أن الرئيس بايدن، ووزير خارجيته بلينكن ووزير حربه أوستن ومستشار الامن القومي سليفان، وغيرهم هم من يقود دفة الحرب، وإسرائيل وكابينيتها المصغر والموسع إجراء وأدوات تنفيذية لقرار اسيادهم في البيت الأبيض. وحتى الحديث عن عدم وجود خطط إسرائيلية لليوم التالي للحرب، ودعوة نتنياهو وقادة الحكومة بالكف عن ترديد شعارات غوغائية، لا منطقية، أيضًا مردودة على الوزير، لأنه يعلم أن ديماغوجيا رئيس حكومة الطوارئ وزعرانه وأقرانه هي شعارات للاستهلاك ولتضليل الشارع الإسرائيلي، ولحماية الرأس الفاسدة من عقاب اليوم التالي. 


باختصار ما ذكرة الوزير الأميركي في إسرائيل حملة أكاذيب، لا تمت للواقع بصلة، لانه يتناقض مع إشعال فتيل الحرب، ومنطق "لإسرائيل الحق بالدفاع عن نفسها" والسماح بقتل الأبرياء المدنيين بغض النظر أن حجم اعداد الضحايا، وطالما إدارته تقود الحرب، وتعمل بشكل منهجي لتوسيع دائرة التطهير العرقي لأبناء الشعب العربي الفلسطيني، فهي العنوان الأول لحرب الأرض المحروقة. وأكاذيبها تستهدف حماية رأسها، والتقليل من حجم الخسائر في أوساط الرأي العام الأميركي، وللحديث بقية.