بقلم: مها الشيخ
يرتبط المواطن الفلسطيني ارتباطًا وثيقًا بشجرة الزيتون، التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، كونها ترمز إلى تجذره في أرضه، وإلى السلام والأمن، فضلاً عن أنها شجرة مباركة ومقدسة في جميع الشرائع السماوية.
تمتد أشجار الزيتون على مساحة تزيد على 575 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية، وتمثل ما نسبته 85% من أشجار البستنة، وتنتج في السنة الجيدة حوالي 33 ألف طن، وفي السنوات غير الجيدة سبعة آلاف طن من زيت الزيتون.
منذ عام 1967، قضى الاحتلال على 800 ألف شجرة زيتون، من خلال الاقتلاع والحرق، وصولاً إلى ابتداع أساليب أكثر تطرفًا، تمثلت في إغراق الأشجار بالمياه العادمة، ورش مواد سامة على جذور أشجار الزيتون، ما أدى إلى تلفها بالكامل، وزرع أجسام مشبوهة لتظهر على أنها ألغام، وزراعة قضبان حديدية في أراضي المواطنين لإعطاب عجلات المركبات والجرارات الزراعية.
140 اعتداءً رصدتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان خلال النصف الأول من العام الجاري، تسببت باقتلاع 8340 شجرة زيتون وتضررها وتخريبها وتسميمها، وتركزت في محافظة رام الله والبيرة، التي تعرضت لــ35 اعتداءً، تليها محافظة نابلس بــ33 اعتداءً، ثم محافظة الخليل بـ24 اعتداءً.
وفي عام 2022، بلغ عدد العمليات التي استهدفت أشجار الزيتون ما مجموعه 354 عملية اعتداء، تسببت باقتلاع ما مجموعه 10,291 شجرة زيتون وتضررها وتخريبها وتسميمها، وتركزت في محافظة نابلس التي تعرضت لــ93 اعتداءً، تلتها محافظة بيت لحم بـ52 اعتداءً، ثم محافظة الخليل بـ49 اعتداءً.
فضلاً عن القيود التي واجهها المزارعون بسبب المستعمرات، فنحو 90 تجمعًا سكانيًا فلسطينيًا يملك أراضي تقع بمحاذاة 56 مستعمرة، وعشرات البؤر الاستعمارية أو على مقربة منها، ولا يستطيع الكثير من المزارعين الوصول إلى أراضيهم، نتيجة تضييقات سلطات الاحتلال وإجراءاتها التعجيزية التي تهدف إلى التضييق على المزارع الفلسطيني، وتحويل هذه الأراضي إلى "بور" لا يستطيع أصحابها فلاحتهاـ تمهيدا للسيطرة عليها.
وتقع آلاف الدونمات المزروعة بالزيتون خلف جدار الفصل العنصري أو تحيطها المستعمرات، حيث تتعرض وأصحابها لأقسى أنواع الاعتداءات والتدمير (استيلاء، واقتلاع، وحرق، وتكسير، وسرقة، وإغراق بالمياه العادمة)، ليخسر المزارعون سنويًا 45 مليون دولار بالمتوسط، وفق المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان.
وحسب تقرير لهيئة الجدار والاستيطان، فإن مساحة الأراضي التي عزلها جدار الفصل العنصري، بالقرب من المستعمرات تقدر بـ7% من إجمالي مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون، ولا يستطيع مالكوها الوصول إليها إلا بتصريح، وبالتالي لا يمكنهم استصلاحها وفلاحتها، إضافة إلى أنها تتعرض للسرقة أو الحرق، ما يتسبب بخسارة ما يقارب 1500 طن من الزيت، أي ما يقارب 10 ملايين و500 ألف دولار سنويًا.
وفي السياق، يوضح مدير دائرة الزيتون في وزارة الزراعة رامز عبيد، أن تصاريح دخول المواطنين إلى أراضيهم المعزولة بالجدار تكون لفترة محدودة وقصيرة، ولعدد قليل من المزارعين، وأحيانًا في أوقات غير مناسبة، مثل تصاريح حراثة الأرض التي تعطى أحيانًا في يوم ماطر لا تصلح فيه الحراثة.
واستدرك أن الاحتلال يرفض في كثير من الأحيان منح تصاريح لأصحاب الأراضي القريبة جدا من المستعمرات.
وأكد عبيد أن شح حراثة الأعشاب وتقليمها وإزالتها تؤدي إلى فقدان الأشجار أكثر من 50% من إنتاجيتها، في حال استطاع المزارع قطفها.
وتعقيبًا على ذلك، قال مدير دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبد الله أبو رحمة، إن الهيئة تُعِدّ برنامج زيارات، وحشدًا كبيرًا لدعم قاطفي الزيتون في المناطق المهددة من المستوطنين.
وأوضح: الهيئة ستعلن عن برنامج مساندة المزارعين في الأيام المقبلة، الذي ينظم بالشراكة مع المتطوعين واللجان الشعبية في المحافظات، وبالتنسيق مع المديريات، والهدف الأساسي مساعدة المزارعين في عملية القطف، والوقوف إلى جانبهم للتصدي لاعتداءات المستوطنين.
وتحدث عبيد عن إنتاجية موسم الزيتون لهذا العام، مرجحًا أن ان يصل إلى 12 ألف طن زيت لهذا الموسم، منها 10 آلاف طن في الضفة، وألفا طن في قطاع غزة، في حين سجل العام الماضي إنتاج 36 ألف طن، علمًا أن المعدل العام لإنتاج زيت الزيتون يقدر بنحو 22500 طن.
وتوقع عبيد، أن يرتفع سعر زيت الزيتون إلى نحو 40% مقارنة بالعام الماضي الذي كان فيه الإنتاج غزيرًا، وانعكس على انخفاض السعر.
من جهته، دعا مدير عام مجلس الزيت والزيتون الفلسطيني فياض فياض، المزارعين إلى عدم التوجه إلى حقولهم قبل نضوج ثمار الزيتون، حتى يستفيدوا من إنتاج هذا الموسم، إذ من المقرر أن يبدأ موسم قطف ثمار الزيتون لهذا العام اعتبارا من الثاني عشر من الشهر الجاري، في جميع محافظات الوطن.
وأوضح: النضج يظهر عندما يكون اللب داخل حبة الزيتون ملونا، إضافة إلى أن التلون الخارجي لا يعطي دلالة حقيقية على نضج الزيتون، بينما النضج الكامل يختلف من منطقة إلى منطقة، حسب الظروف المناخية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها