يطيب لي أن أرى أن للقانون قلبًا، شأنه شأن قلوب البشر، بعضها طيب ورحيم وبعضها قاس ومتحجر، وبعضها الأخير المريض بالكراهية، والبغض، والضغينة، وهذا البعض الأخير لا أظنه قابلاً للشفاء من مرضه هذا.
مازالت وتظل الحياة ممكنة، بفعل غلبة القلوب الطيبة والرحيمة، وهذه رحمة من الباري عز وجل، وسبحانه الذي غلب الرحمة على نقيضها، لا في البسملة فحسب، وإنما في مشيئته المطلقة حين هو الغفور الرحيم.
وأعود للقانون وأجزم أن المشرع بما وضع من حيثيات، التي على أساسها تجري المحاسبات، وتحدد العقوبات من عدمها، إنما كان يرى ضرورة أن يكون للقانون قلب حيوي، من أجل أن يكون فاعلاً وقادرًا على تخليق ما ينبغي تخليقه، من حياة آمنة، وسليمة، ومنتجة في مختلف حقولها الاجتماعية، والاقتصادية، والإدارية وغيرها من حقول يرجوها التطلع المشروع أن تكون بكامل العافية.
بالتمعن في مبدأ الحيثيات، نرى تلك الفسحة التي تطل على قلب القانون، فلا نراه غليظا، ولا نراه فظًا في حديث تفاصيله المبوبة. المعضلة حين يغيب هذا التمعن عند سعاة تطبيق القانون، تطل حينها البيروقراطية بكامل تعاليها وسطوتها..!!
أعتقد وللضرورة التوضيح أن قلب القانون، ليس هو قلب العاشق بعينه التي ترى قرده غزالاً، وإنما هو قلب التوفيق والتصويب الذي لا يسقط عقابًا، حيث ينبغي للعقاب أن يكون، دون أن يقطع تلك الشعرة، التي بينه وبين الماثل أمامه، وهذه والله شعرة معاوية، التي لا تسمح بأية قطيعة بين الذي يحكم بالقانون وبين المحكوم.
أجل للقانون قلب، ولا شك أنه القلب المؤمن بالعدل كي يسود، وحين هو هذا القلب ندرك كم هو القانون ضرورة لحياة سوية ومنتجة وقبل ذلك كم هو ضرورة لتخليق وعي الدولة، وهذا الوعي في المحصلة، هو وعي الحرية التي هي ضالتنا، كمثل الحكمة التي هي ضالة المؤمن.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها