طلبت الحكومة الإسرائيلية من المحكمة العليا، مساء اليوم الجمعة، تأجيل جلستها للنظر في التماس ضد قانون إلغاء ذريعة المعقولية، المقررة يوم 12 أيلول/ سبتمبر المقبل، فيما رفضت المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، ذلك.
وقدّمت الحكومة الإسرائيلية طلبا رسميًّا، لتأجيل موعد تاريخ جلسة النظر في الالتماسات من قبل المحكمة، وتاريخ تقديم الردود، لفترة ثلاثة أسابيع.
وقال المحامي الذي سيمثل الحكومة أمام المحكمة، إيلان بومبخ، اليوم، إنه بحاجة إلى المزيد من الوقت من أجل الاستعداد للمداولات في المحكمة.
وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن بومبخ سيفسر طلب التأجيل بأن "تبعات نتائج هذا الإجراء بالغة الأهمية وبعيدة المدى"، وأن المهلة التي قررتها المحكمة من أجل الرد على الالتماس ليست ملائمة، وأن حجم الموضوع وعمقه يستوجب فترة كافية لصياغة الرد على الالتماس.
وأضاف أنه "من الواضح أن الفترة المتبقية حتى تقديم الرد لا تسمح باستعداد كاف من أجل إعداد رد وتمثيل موقف الحكومة الإسرائيلية بالشكل المطلوب واللائق".
وجرى تعيين موعد جلسة المحكمة العليا للنظر في الالتماس ضد القانون بسبب قرب انتهاء ولاية رئيسة المحكمة العليا، إستير حيوت، في منتصف تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وبعدها ينبغي أن تتفرغ حيوت لكتابة قرارات حكم في قضايا أخرى لمدة ثلاثة أشهر.
وأول من أمس الأربعاء، صادقت المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، على أن يستعين وزير القضاء، ياريف ليفين، بخدمات محام خاص من أجل تمثيله خلال نظر المحكمة العليا في التماسات ضد قانون إلغاء ذريعة المعقولية، وأشارت إلى أنها تعارض هذا القانون.
وأوضحت المستشارة القضائية أنها تصادق على تمثيل شخصي للوزير "على إثر فجوات في المواقف"، حيث يتوقع أن تبلغ المحكمة العليا بأنها تعارض هذا القانون.
وتعتبر المستشارة القضائية للحكومة أن هذا القانون يخرق منظومة التوازنات والكوابح بين السلطات وتلحق أضرارا بالغة بجهاز إنفاذ القانون، وترى أن إلغاء ذريعة المعقولية يهدف إلى إقالة "حراس عتبة".
وفي 9 آب/أغسطس، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، أمرًا احترازيًا، يجبر الائتلاف الإسرائيلي على تقديم تفسيرات يبرر من خلالها تعديل "قانون أساس: القضاء" لإلغاء "حجة المعقولية"، في إطار الالتماسات المقدمة للمحكمة في هذا الشأن.
والأمر الاحترازي هو أمر يوجه للسلطة التنفيذية أو التشريعية، ويلزمها بالمثول أمام المحكمة في موعد محدد، والرد على الادعاءات التي قدمها الملتمسون ضد قرار حكومي، وذلك إذا ما كان لدى هيئة المحكمة انطباع بوجود أساس قوي للادعاءات المقدمة في الالتماس.
وتنظر المحكمة يوم 12 أيلول/ سبتمبر المقبل بهيئة موسّعة مكونة من 15 قاضيا (كامل هيئة القضاة في المحكمة)، في التماس ضد تعديل "قانون أساس: القضاء" بما ينزع عن المحكمة إحدى الأدوات التي تمتلكها لإلغاء قرارات الحكومة والوزراء أو تعييناتهم - "حجة المعقولية"- التي تمكن المحكمة من أن تقضي بعدم معقولية الإجراءات.
وشددت المحكمة على أن قرارها "إجرائي"، وأفادت بأن الأمر الاحترازي يأتي "لأسباب تتعلق بفعالية ونجاعة معالجة الالتماسات، دون أن يكون هذا القرار تعبيرًا عن موقف بشأن جوهر القضية".
وأمرت المحكمة الحكومة والكنيست بالرد على الالتماسات بحلول الثالث من أيلول/ سبتمبر المقبل. كما أفادت المحكمة بأنها تدرس إمكانية بث جلسات مناقشة الالتماسات على الهواء مباشرة، وذلك في إشارة إلى أن "العليا" تعتزم النظر في جميع الالتماسات دفعة واحدة.
ويشير قرار المحكمة إلى أن الإجراءات القضائية في هذا الملف "ستتم بشكل أسرع من المعتاد"، مما سيسمح لرئيسة المحكمة، إستر حيوت، إدارة جميع جلسات الاستماع بشأن الالتماسات ضد إلغاء حجة المعقولية، قبل انتهاء ولايتها.
والتمست منظمات وأفراد إلى المحكمة العليا ضد قانون إلغاء حجة المعقولية، فور المصادقة عليه في الكنيست. وبين الملتمسين نقابة المحامين و"الحركة من أجل جودة الحكم" و"الحركة الديمقراطية – المدنية"، إلى جانب أفراد بينهم عناصر في الجيش وأعضاء كنيست سابقين وناشطين اجتماعيين.
وركزت الالتماسات ضد قانون إلغاء حجة المعقولية على أن تعديل "قانون أساس: القضاء" يمس بصلب صلاحيات السلطة القضائية، ولذلك يلحق ضررا شديدا في "جوهر وجود دولة إسرائيل كدولة ديمقراطية". وأشار قسم من الملتمسين إلى أن تعديل القانون تم من خلال إجراءات تشريعية تنطوي على عيوب.
وتصاعدت الاحتجاجات في إسرائيل ضد حكومة بنيامين نتنياهو وخطتها لإضعاف "جهاز القضاء"، بعد تصويت "الكنيست" الإسرائيلية في 24 تموز الماضي بالقراءتين الثانية والثالثة، على مشروع قانون إلغاء حجة المعقولية، ليصبح بذلك قانونا نافذا.
ومن شأن القانون أن يمنع المحاكم الإسرائيلية بما فيها المحكمة العليا، من تطبيق ما يعرف باسم "معيار المعقولية" على القرارات التي يتخذها المسؤولون المنتخبون.
وقانون إلغاء حجة المعقولية هو واحد من 8 مشاريع قوانين طرحتها الحكومة الإسرائيلية في إطار خطتها لإضعاف الجهاز القضائي.
واستقطبت التظاهرات الاحتجاجية تأييدا من مختلف الأطياف السياسية والمجموعات العلمانية والدينية والطبقة العاملة وموظفي قطاع التكنولوجيا وعسكريين احتياطيين.
وتسعى حكومة نتنياهو إلى إجراء تعديلات جذرية على الأنظمة القانونية والقضائية، لتقضي بشكل كامل تقريبًا على سلطة المحكمة العليا للمراجعة القضائية، وتعطي الحكومة أغلبية تلقائية في لجنة اختيار القضاة، الأمر الذي تراه شريحة واسعة من الإسرائيليين "استهدافا للديمقراطية وتقويضا لمنظومة القضاء".
كما يرى معارضو نتنياهو الذي يحاكم بتهم فساد، بالسعي من خلال التعديلات إلى تجنّب صدور إدانات قضائية بحقه.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها