منذ تولي الرئيس قيس سعيد الحكم في أكتوبر 2019، ومع اتضاح رؤيته البرنامجية في الحكم، وعدم رضوخه لاملاءات واجندات قوى سياسية تونسية وإقليمية ودولية عديدة، وهو يواجه ضغوط هائلة، وحملات تشويه متعمدة بقصد الانتقاص من مكانته وكفاءته سياسيا وفكريا، في استهداف جلي القادم للحكم من الدائرة الاكاديمية، والمنسجم مع نفسه وخياراته السياسية والقانونية والاقتصادية بعيدا عن لعبة التوازنات والاجندات الفئوية بمختلف تصنيفاتها واستهدافاتها لتونس الأرض والشعب والنظام السياسي.
وتعاظمت تلك الحملات في الداخل والخارج على حد سواء، واتسعت واشتدت الضغوط الأميركية والفرنسية والغربية الرأسمالية وبعض الإقليمية والعربية بهدف لي ذراع الرئيس سعيد، وارغامه على الاستجابة لاهدافهم الخبيثة، المتناقضة مع مصالح الشعب التونسي الشقيق، لكنه رفض الانحناء، والتسليم بمطالب أعداء الداخل والخارج. لا سيما وان هناك تكامل بين أعداء الحكم الراشد، الذي مثله الرئيس التونسي، وقاموا عن سابق تصميم وإصرار بخلق ازمة اقتصادية حادة في البلاد، وحجبوا السلع الأساسية عن الشعب، وشنوا حملات إعلامية منظمة ومكثفة ضد كل إجراء او توجه اتخذه ساكن قصر قرطاج، وضاعفوا من التحريض اليومي، والقاء التهم جزافا على كاهل المؤمن بعروبة تونس، وبمكانتها كجزء لا يتجزأ من الامة العربية، واحدى الحواضن الهامة لقضية العرب المركزية، قضية فلسطين، وبناء تونس المستقلة وذات السيادة الحقيقية بعيدا عن اجندات التخريب، التي قادتها حركة النهضة الاخوانية بقيادة الغنوشي، الذي تم اعتقاله يوم الاثنين الموافق ال27 من شهر رمضان المبارك/ السابع عشر من ابريل الماضي بتهم عديدة ابرزها التحريض على الفتنة الداخلية.
وللأسف الشديد العديد من القوى التونسية الوطنية والقومية والديمقراطية / اليسارية جانبت الصواب، وتساوقت مع حملات التحريض باسم الدفاع عن الديمقراطية المشروخة، وتخلت عن ان تكون داعمة ومساعدة للرئيس سعيد في معركته الوطنية والقومية والديمقراطية، وانساقت وراء لعبة الشعارات الديماغوجية، وتوطأت مع فرع جماعة الاخوان المسلمين بقيادة راشد الغنوشي، وقاطعت الانتخابات البرلمانية والاستفتائية والبلدية، وخرجت لشارع الحبيب بورقيبة وغيره من المواقع للتشهير بالنظام وبالرئيس سعيد، الذي لا هدف له الا مصلحة الشعب التونسي وقواه الوطنية الحية.
نعم وقع الرئيس قيس سعيد في أخطاء، وشاب عمله العديد من النواقص، وضيق دائرة تحالفاته، اعتقادا منه انه يحمي مشروعه الوطني والقومي، لكن بوصلته لم تحد يوما عن هدفه في بناء الجمهورية التونسية الحديثة، والخالية من المرتزقة الاخوان المسلمين ومن يدور في فلكهم، وحارب الفساد بشجاعة واقتدار، ودخل عش الدبابير بقدميه دون خشية من اوكار الفساد السياسي والقانوني والمالي الاقتصادي والثقافي، ومازال يتقدم بشجاعة، الامر الذي يفرض على اتحاد الشغل برئاسة الطبوبي والقوى الوطنية المعنية بالسلم الأهلي، وببناء ركائز الديمقراطية الحقيقية وحماية الاقتصاد من العبث، وتخفيض نسبة التضخم، وصيانة الحكم الراشد الوقوف خلف الرئيس والحكومة، دون ان يلغي حقها في ممارسة النقد البناء، وتسليط الضوء على النواقص والاخطاء والخطايا ان وجدت لحماية النظام، ودحر وعزل جماعة الاخوان المسلمين العبثية، التي ورطت تونس في العديد من الانتهاكات الخطرة المهددة للسلم الأهلي.
خيرا فعل حاكم قرطاج عندما لاحق جماعة الاخوان المسلمين، وكشف عوراتهم الخبيثة، ومفاسد وجودهم في الحكم، وأظهرهم على حقيقتهم، وأهم روافع الخير باعتقال رجل الاخوان الأول في تونس، صاحب الوجوه السبعة المتلونة، ومحاصرتهم قبل فوات الأوان، ولم يأبه كثيرا للضجيج المفتعل، الذي نظمه انصار الجماعة الانقلابية، واداة الغرب الرأسمالي وحلفائهم من القوى المتصدعة، والتي تعاني من ازمة الوجود والحضور في الوسط الاجتماعي والسياسي التونسي الا كعناوين بلا لون او رائحة وبلا مصداقية.
ومع ذلك تستوجب الضرورة من الرئيس قيس سعيد تدوير زوايا مع القوى الأقرب لمشروعه، واستقاطابها لصفه، وفتح باب الحوار الشامل مع القوى الوطنية والقومية وفي مقدمتهم اتحاد الشغل، والعمل على توسيع قاعدة النظام السياسية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والقانونية والاقتصادية، لتفادي اية مضاعفات سلبية تهدد المنجزات الوطنية. وبذات الوقت توسيع التحالفات مع الاشقاء العرب الأقرب للرؤية التونسية، وأيضا مع الحلفاء الدوليين وخاصة الصين وروسيا الاتحادية والهند دون القطيعة المفتعلة مع الغرب المتربص بالرئيس والنظام على حد سواء.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها