ستشارك فلسطين في إحياء الجمعية العامة لذكرى النكبة لأول مرة منتصف أيار القادم، ومن الجدير ذكره أن الجمعية العامة تضع القضية الفلسطينية في ملعب محكمة العدل الدولية في تموز القادم, المحكمة ستتناول شرعية الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد في ٢٥-٧-٢٠٢٣، وهذا من شأنه أن يفضح الغرض الاستيطاني المتمثل في إطالة أمد الاحتلال والذي يعتبر انتهاكًا صريحًا للقانون الدولي.
المشاركة الفلسطينية فرصة مهمة، نتمنى أن يركز فيها العمل الدبلوماسي الفلسطيني على:
- عدم الاكتفاء برأي حول ماهية الاحتلال وتوجيه المنظومة الدولية لما بعد ذلك من خطوات عملية لإنهاء الاحتلال.
- توجيه المحكمة للتركيز على أهمية تطبيق حق تقرير المصير، فهو التزام تجاه كافة أعضاء المجتمع الدولي، وهو التزام يكون لجميع الدول فيه مصلحة متبادلة لتحقيق السلام الدولي، وهنا يحق للمنظومة الدولية اتخاذ تدابير قانونية نحو التأثير الفوري دون مماطلات او رضوخ للضغوطات الإسرائيلية المتكررة تحت إطار دبلوماسية القسر التي طالما عانى منها الفلسطينيون خاصة في ظل الحكومة الحالية.
- ضرورة التخلص من الالتزام بأداة المفاوضات، على خلاف ما جاء في الرأي الاستشاري قبل عشرين عامًا حول الجدار، لا تستطيع محكمة العدل الدولية اعتبار المفاوضات الثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين أداة وحيدة وكافية لتأمين دولة فلسطينية مستقلة سياسياً، حيث أن المفاوضات الرسمية متجمدة منذ ٢٠١٤! من الضروري توجيه المحكمة للنظر في اتخاذ تدابير سلمية ووسائل حل نزاع سلمية أخرى غير المفاوضات، ممكن أن تلجأ للوساطة أو التوفيق أو التحكيم من الطرائق التي قد تراها المحكمة مناسبة، لتجنب المزيد من التأخير في تحقيق تقرير المصير الفلسطيني.
- الضغط باتجاه مشاريع قرارات تخص النشاطات الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس وخطورة عنف وإرهاب المستوطنين. وأن نطرح بمشروع قرار للإفراج عن المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال وقرار بالإفراج عن جثامين الشهداء كمطالب إنسانية بحتة.
- مطلوب تحضير جدي بمستوى وطني قانوني عالي، لقد تقدمت فلسطين بطلب فتوى قانونية من محكمة العدل الدولية ICJ حول ماهية الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي، واعتمدت اللجنة الرابعة للجمعية العامة الأمم المتحدة، وهي اللجنة الخاصة بالمسائل السياسية هذا القرار بطلب رأي استشاري من أعلى هيئة قضائية دولية حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين بما فيها القدس، حيث صوتت (98) دولة لصالح القرار، و(52) دولة امتناع، و(17) دولة ضد. الدول التي صوتت ضد القرار هي: كندا، استراليا، النمسا، استونيا، ايطاليا، المانيا، ليبيريا، ميكرونيسيا، الولايات المتحدة، بالاو، ليتوانيا، جزر مارشال، نورو، التشيك ، غواتيمالا، هنغاريا وإسرائيل. ومن هنا يتطلب ذلك تحضيرًا جديًا من قبل الفلسطينيين قبل فوات الأوان حيث أن مصالح الدول هي المحرك الأساسي في تصويتها.
هناك أكثر من ٨٠٠ قرار جمعية عامة وأكثر من ١٠٠ قرار مجلس أمن لصالح الحقوق الفلسطينية، إلا أنها غير نافذة! الأمم المتحدة أصدرت قرارات واضحة حول حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم، حول الاستيطان، حول اللاجئين، حول القدس وحول الاعدامات والجرائم المتكررة، إلا أنها ما زالت تعيق تنفيذ هذه القرارات تحت مسوغ ضرورة اتفاق الجانبين على العديد من المسائل. ضروري تذكير المنظومة الدولية بمسؤوليتها والتزاماتها الأخلاقية والقانونية بتنفيذ قراراتها حسب ميثاق الجمعية العامة والنظر في البند السابع فيما يخلص انفاذ هذه القرارات لإحلال السلم. قرار محكمة العدل الدولية، فيما إذا خرج، يمكّن الفلسطينيين من التنصل من مسوغ المفاوضات لأن موضوع الاحتلال يصبح بقرار دولي مسألة قانونية وليست موضوعًا للتفاوض. هناك إنجازات فلسطينية على الساحة الدبلوماسية الدولية لا نستطيع تجاهل أهميتها، بل على العكس لا بد من تكثيف الجهود الدبلوماسيّة الرسمية والعامة وهذا لا يعني أنها الاداة الوحيدة، لا بد من العمل بالتوازي وتوظيف كافة الوسائل المتاحة بما فيها وسائل الدفاع عن النفس المشروعة حسب قرار ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة. ضروري توظيف المشاركة الدبلوماسية في الجمعية هذا الشهر، ليس فقط لإحياء ذكرى النكبة بل للبناء عليها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها