تخلى بنيامين نتنياهو عن قياديين بارزين من حزب الليكود ووضعهم على الهامش فنسيهم الناس مثل الجنرال إسحاق مردخاي (وزير الجيش) وسيلفان شالوم (وزير المالية فالخارجية) ودافيد ليفي (وزير الخارجية) وآخرين وجميعهم من أصولٍ شرقية.

وتخلى عن قادة عسكريين ومدنيين من حزبه برزوا في الحياة السياسية وكانوا في حاشيته يتغنون بمناقبه ويمسحون جوخه فلما شعر أن نفس أحدهم أمارة بالعلا وأن عينه فارغة لا تشبع أطاح به وصار في خبر كان وأخواتها.

وتخلى عن حلفاء دعموه وساندوه مثل ليبرمان وساعر وغانتس ولبيد وفصلهم من حكومته على الهواء مباشرة وحولهم الى أعداء سياسيين، وفعل ذلك بجرأة وشجاعة وبقي الرجل الأول في حزبه والزعيم الأوحد الذي لا يجرؤ أحد على منافسته أو معارضته أو التفوه بكلمة تنتقده أو تمس به أو بزوجته التي تقبض على خيوط الحكومة مع ابنها المدلل ولي العهد يائير.

وبات واضحا للجميع أن من "يلعب بذيله" أو من تسول له نفسه بالحلم برئاسة الحكومة أو زعامة الليكود فمصيره التغييب أو التهميش أو الاحتفاظ به على الرف الحزبي.

كان هذا في سنواتٍ خلون وأما نتنياهو اليوم فيختلف عن نتنياهو الأمس وبيبي الحاضر ليس بيبي الذي كان، فقد غاب السياسي الثعلب الداهية الذي كان يخيف شعبه بحماس وبحزب الله وبإيران فيتمسكون به ويرون فيه الحامي والمنقذ، واختفى القائد الكبير الذي جعلهم طيلة نصف قرن يحملون حزب العمل وقادته الغربيين عدم شرائهم شققا للسكن ويعلقون كل قضاياهم ومشاكلهم وفقرهم على مشجب حزب العمل المرحوم، بينما يحتضنون الزعيم الذي وعدهم بالسمن والعسل والبيوت الفارهة.

نتنياهو اليوم لا ولن يتخلى عن حليفيه الجديدين ايتمار بن غفير وبصلئيل سموطرتش لأن حاضره ومستقبله بأيدي هذين السياسيين الفجين المتطرفين الجائعين للسلطة اللذين ترعرعا في دفيئة الفاشي مئير كهانا كما أن بن غفير وسموطرتش لن يتخليا عنه فلن يحظيا برئيس حكومة مثله يعطيهما ما يطلبانه من صلاحياتٍ واسعة ووظائف حساسة فاقت أحلامهما.

نتنياهو اليوم يعاني من محاكمته ويهاب القضاء والقضاة ويرتعب من معسياهو.

صليت الظهيرة في أحد أيام شهر رمضان الفضيل الجاري في المسجد الأقصى المبارك وشاهدت قطعان المستوطنين المتطرفين يخرجون زرافات زرافات من باب المغاربة ويسيرون بصلفٍ في ساحات الأقصى يحرسهم جنود الاحتلال ثم يعودون الى باب المغاربة يغنون ويرقصون بوقاحةٍ وباستفزاز.

حلفاء نتنياهو الجدد لا يحترمون المعاهدة مع الأردن ولا يحترمون الأمر الواقع المتفق عليه منذ عشرات السنين ولا يحترمون فتاوى كبار الحاخامين التي تحرم دخول اليهود للأقصى، ونتنياهو يبيع العالم تصريحات تزعم أن حكومته تحافظ على الاتفاقيات مع المملكة الأردنية الهاشمية وعلى الوضع القائم.

يسعى بن غفير وسموطرتش الى حربٍ دينية ضروس مع الفلسطينيين والعرب والمسلمين تحرق الأخضر واليابس عسى أن يحققا حلمهما وبرنامجهما الانتخابي بالقضاء على القضية الفلسطينية وبناء الهيكل مكان المسجد الأقصى وقبة الصخرة وهما لا يخفيان ذلك.

هل سيصدر نتنياهو أزمته الحكومية التي لم تعرف دولة إسرائيل مثيلا لها الى الخارج بحربٍ دينية ترضي بن غفير وسموطرتش وتنقذه من المحكمة؟

تنتظرنا سنة قاسية فيها موتى وجرحى ودمار وخراب.

المصدر: الحياة الجديدة