كنّا كتبنا هنا، في كلمة الحياة الجديدة، الأسبوع الماضي، وتحت عنوان "متلازمة الأذى" أنه آن الأوان لكي نتخلص من وهم أن حركة حماس يمكن أن تكون يومًا ما حركة وطنية ...!! لم تتأخر حماس كثيرًا في تأكيد تشخيصنا لها، بكونها باتت مصابة بمتلازمة الأذى، إلى جانب متلازمة الكذب والافتراء، وبأنها، فعلًا، لن تكون يومًا ما حركة وطنية. هذا ما أكده الانقلابي إسماعيل هنية، في تصريحاته الأخيرة التي آلمنا أنها انطلقت من أرض الشقيقة الجزائر، بلد المليون شهيد الذين حاربوا الفتنة، والاحتلال الفرنسي معًا، حتى استقلّت الجزائر. وبحكم ما جاء في هذه التصريحات من كذب وادعاء وافتراء، لا ضد السلطة الوطنية فحسب، وإنما ضد حركة التحرر الوطني الفلسطينية برمتها، فإن هنية بهذه الأكاذيب قد أساء للجزائر أولًا وقبل أي طرف اخر، وهو يطعن على نحو بالغ القبح والصفاقة "إعلان الجزائر" الذي أراد في الشهر العاشر من العام الماضي، أن يفتح دروبًا للمصالحة الوطنية الفلسطينية، وبلغة الحض على الوحدة، وتأكيد ضرورتها لانتصار القضية الفلسطينية.
أكاذيب هنية، ومعها أيضًا أكاذيب موسى أبو مرزوق، ليست بحاجة إلى من يدحضها بقدر ما هي مفضوحة، بحكم تكرارها الممجوج، والأهم فإن دم الشهداء الذي صار غزيرًا هنا في الضفة الفلسطينية التي باتت تقاوم على مدار الساعة، توحش الفاشي الاحتلالي، بمنتهى التحدي والصلابة، هذا الدم الزّكي الطاهر الذي أغلبه دم فتحاويين بواسل، يجعل من أكاذيب هنية، وأبو مرزوق، وكل أكاذيب قادة الإنقلاب الدموي، مجرد واحدة من مفرقعات السنوار التي يستجلب بها التمويلات الفارهة، المكفولة بالتفاهمات مع دولة الاحتلال الإسرائيلية..!! مفرقعات تحيي بها حماس لياليها الحالمة في فنادق السبع نجوم، ونحو ما تريد منها إشعال نار الفتنة بين أوساط شعبنا في ضفة الصمود والتصدي ...!!!
لكنها أيضًا أكاذيب يطرب لها الفاشيون في حكومة بنيامين نتنياهو، ويصفقون لها وهي تقدم لهم ما يستعينون به لادّعاء براءة مستحيلة، مما يرتكبون من جرائم ضد الإنسانية، في حربهم ضد فلسطين، شعبًا، ومقاومة مشروعة، وقيادة وطنية، ومشروعًا للتّحرر والاستقلال. فأكاذيب حماس أنّ السلطة الوطنية التي تسعى إسرائيل إلى تدميرها، بلا هوادة، شريكة في هذه الحرب، من خلال فرية التنسيق الأمني، هذه الأكاذيب ليست في المحصلة إلا محاولة تبرئة الفاشي من جرائمه، ولطالما كانت أكاذيب حماس تصبّ في طاحونة الاحتلال الإعلامية، ومنها من خلص دون ان يدري مروجها، إلى تجميل وجه المحتل القبيح، كما فعل ذلك مرة، موسى أبو مرزوق، وهو يبرر في مقابلة متلفزة على شاشة فضائية "القاهرة والناس"، لماذا لم تستلمه إسرائيل معتقلًا، بعد أن أفرجت عنه الولايات المتحدة، وأبعدته عن أراضيها، وأرادت من إسرائيل استلامه، بالقول إن طبيعة "نتنياهو" الذي كان في الحكم في ذلك الوقت تختلف عن طبيعة "رابين" ما أثار استهجان خليفة الذي رماه بسؤال استنكاري، كأنك "تبيض صفحة نتنياهو، وتحاول تجميل وجهه، ولا أدري لماذا تفعل ذلك ..!!!
وللحكاية هذه تفصيل لا ينبغي أن يغيب عن ذهن أحد، أبعدت الولايات المتحدة في ذلك الوقت، اثنين عن أراضيها، زياد أبو عين، وموسى أبو مرزوق، استلمت إسرائيل أبو عين واعتقلته، وقضى شهيدًا فيما بعد، في دروب المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، أما أبو مرزوق فظل طليقًا على شاشات الفضائيات ، وبمهمة واحدة، هي الإساءة للحركة الوطنية الفلسطينية، والتّشكيك بها، والتحريض على تصفيتها، لا أكثر ولا أقل . وهذه هي مهمة حركة حماس منذ نشأتها، وحتى اللحظة، ما يجعلها حقًّا، حركة لا علاقة لها بالوطنية الفلسطينية، لا من قريب ولا من بعيد، وعلى الكل الوطني أن يضع النقاط فوق الحروف بهذا الشّأن، وإلا فإنّ الفاشي سيواصل جرائمه ضد شعبنا، وسننزف مزيدًا من الدّم، طالما نظل بلا خطاب وطني واحد موحّد، يسمي الأشياء بأسمائها.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها