البندقية المنفلتة خطر عظيم أخطر من السلاح النووي لدى المحتل المجرم على المشروع الوطني الفلسطيني، فهذه يستخدمها المنتفعون من سفك الدماء بلا برنامج وطني نضالي موحد، وبلا أهداف وطنية محققة، أما البندقية المسيسة فهي في يد المناضل بكل ما لهذه الكلمة من معنى طاهرة كنَفَسه وروحه وفكره، وحسنة كسلوكه، وجميلة كإبداعاته، أمانة ومؤتمنة على القيم والمبادئ والأهداف والثوابت والمواثيق الوطنية، لا تبتذل ولا ترخص، ولا تهان ولا تستأجر، فهي في يد الوطني الملتزم الواعي ضمانة لمشروعية وشرعية النضال والكفاح الوطني ضد الاحتلال والغزو الاستعماري الصهيوني، وضمانة للأمن والسلم الأهلي، وحامية للمجتمع ممن يبتغون الانفلات وفقدان هيبة النظام والقانون.
عند مرور النضال الوطني بمنعطفات مميزة بحدتها ودقتها، وتكاد تكون مصيرية، تبرز بقوة نزعة التفرد بالقرار المرتبط بالمصالح الوطنية عند البعض الذي يمكن تشبيهه بالمريض بداء الزعامة حتى لو كانت كرتونية، أما المهووسون باحتلال مسمى القيادة فسرعان ما يعملون على تبديد أجواء التفاؤل بحيثيات صمود جماهير الشعب الفلسطيني والمواجهة المباشرة مع جيش ومستوطني منظومة الاحتلال الاستعمارية العنصرية الفاشية، وحرف البوصلة، وتركيز قواهم على الصعيدين الجماهيري والإعلامي وتوجيه سهام التشكيك والتخوين لقيادة الشعب الفلسطيني وحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، فالهتاف ضد السلطة الوطنية والأجهزة الأمنية (المعد سلفاً) في مسيرات تشييع الشهداء، لا يصدق من يسمعها أن المحمولين على أكتاف المشيعين قد ارتقت أرواحهم على أيدي جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، في مواجهات مسلحة غير متكافئة، أو خلال عدوان وحدات خاصة على المدنيين الفلسطينيين الأبرياء، رغم ادعاء قيادة جيش الاحتلال بأن جنودها مدربون جيدًا، ومسلحون بوسائل قتالية دقيقة!.. فيفرح المجرم القاتل الإسرائيلي بصفته العسكرية أو المستوطن الهمجي، يفرح وهو يسمع ويرى المدفوعين بغريزة العداء المطلق لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية، والسلطة الوطنية وأجهزتها الأمنية، وهم يحرفون الأنظار ويرفعون المسؤولية عنه باعتباره المجرم والعدو، ويستهدفون القيادة والحكومة والأجهزة الأمنية بطوفان إشاعات كاذبة، يوظفون ألسنة بشرية، ووسائل إعلام تنضح سمومًا، وأقذر المصطلحات، وذلك بهدف اصطناع معارك ثانوية في الجبهة الفلسطينية الداخلية، والمفارقة أن الرصاص الذي يطلق على مقرات أجهزة أمنية أثناء مرور مسيرات تشييع شهداء، يمكن أن يحدث فارقا مهما لو أطلق على جنود الاحتلال أثناء دخولهم شوارع المدن والبلدات الفلسطينية! .. وهنا تقفز أسئلة هامة للباحثين عن الحقيقة، أهمها ما الدافع؟! من الدافع؟! من هذا المقنع؟! ولماذا حول فوهة بندقيته في الاتجاه الخطأ، ولماذا يهدر رصاصه وهو يعلم أن سلاح رجال الأجهزة الأمنية مسيس، والمناضلون المنتسبون للأجهزة منتمون للشعب والوطن فلسطين، مدركون جيدًا لأهداف من يسعى لجرهم إلى مواجهات دموية لا رابح فيها إلا منظومة الاحتلال الصهيوني العنصرية الفاشية، أما الخاسر الوحيد فهو الشعب الفلسطيني حتى لو كان ثمن الالتزام بالعقيدة الوطنية استشهاد جندي أو ضابط، فدم الإنسان الفلسطيني أغلى وأعظم وأهم وأقدس مما يتصور الذين استرخصوا روحه ودمه لأجل تحقيق مكاسب ذاتية فئوية.
لا تؤثر جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم مستوطني منظومة الاحتلال الدموية، على حاضر الحالة النضالية الشعبية، بقدر تأثير جماعات مرتبطة بأجندات خارجية، وأخرى تنخرها الجهوية الفئوية، وكذلك المسلحون بولاءات شخصية! فهؤلاء باستغلالهم لدماء الشهداء وتضحيات وصبر وصمود الشعب الفلسطيني، يضعفون جدران وبوابات قلعة الصمود التاريخي للشعب الفلسطيني وثباته على أرض وطنه، ويفتحون ثغرات بقصد أو عن جهل، تمكن العدو من اختراقها وتدميرها فوق رؤوس الكل الفلسطيني لو يعلمون!!.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها