في لقاءات عدة مع فضائية فلسطين أول أمس الثلاثاء الموافق 28 فبراير الماضي، وقبله مع قناة العربي الجديد أكد حسين الشيخ، أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة، الذي ترأس الوفد الفلسطيني في قمة العقبة يوم الأحد الموافق 26 فبراير الماضي على العديد من النقاط الأساسية، منها أولاً أن القمة كانت سياسية أمنية، وليست أمنية فقط؛ ثانيًا طرح الوفد ثلاث نقاط أساسية منها:

1- الملف السياسي، أي الحل السياسي وعنوانه خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، هو العنوان الأساس للعلاقة مع الحكومة الإسرائيلية.

2- إلغاء كل الإجراءات الإسرائيلية التي تتنافى مع النقطة الأولى.

3- وقف كافة الإجراءات أحادية الجانب، والتي تشمل 13 نقطة بما فيها العودة لما كانت عليه الأمور قبل 28 سبتمبر 2000؛ ثالثًا لم يتراجع أو يتنازل الوفد الفلسطيني عن أي قرار اتخذته القيادة الفلسطينية، منها عدم التراجع عن وقف التنسيق الأمني، أو التوجه للهيئات الأممية أو محكمة الجنائية الدولية أو غيرها من الخطوات ذات الصلة بمواجهة التحديات الإسرائيلية؛ رابعًا رفض الوفد الفلسطيني تشكيل أية لجان مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، أو تجزأة رزمة المطالب الفلسطينية.  

ورغم هذا التأكيد، إلا أن البيان الصادر عن القمة، ومع أنه أكد على حل الدولتين، إلا أنه لم يرق للمستوى المطلوب، ليس هذا فحسب، بل أن ما حذر منه الوفد الفلسطيني في لقاء القمة من مواصلة حكومة نتنياهو الفاشية استباحتها للأراضي الفلسطينية، ومواصلة جرائم حربها، مازال قائمًا وكان الرد مباشرة في ذات اليوم الأحد عندما قام 400 من قطعان المستعمرين بحرق منازل المواطنين وسياراتهم ومحلاتهم التجارية في بلدة حوارة، وقتل المواطن سامح أقطش من زعترة وإصابة العشرات من المواطنين الأبرياء والعزل في حواره وبورين وزعترة وعصيرة القبلية وبيتا وبيت فوريك وغيرها من القرى جنوب شرق نابلس. 

فضلاً عن ذلك، جاءت ردود الفعل الإسرائيلية من رأس الهرم نتنياهو إلى بن غفير إلى سموتيريش إلى فوغل إلى القائمة الطويلة من الفاشيين الصهاينة، بما في ذلك رئيس الوفد الإسرائيلي للقمة، تساحي هنغبي، الذي صرح: لا يوجد أي تغيير بسياستنا في الأشهر المقبلة، سيتم شرعنة 9 بؤر استيطانية وسيتم الموافقة على بناء 9500 وحدة استيطانية جديدة في الضفة، ولن يكون هناك تجميد للبناء أو تغيير في الوضع الراهن في الأقصى، ولا توجد قيود على أنشطة جيش الإسرائيلي في الضفة. وقال بن غفير، ما تم في الأردن بقي في الأردن. وصرح سموتيريش، لم اعرف ما جرى في الأردن، ولا أريد أن أعرف، وأنا مسؤول الإدارة المدنية والمسؤول عن الاستيطان في الضفة، وقال زعيمهم بيبي، لن نوقف البناء في المستعمرات. فضلاً عن أقوال فوغل ورئيس مجلس الاستيطان، دوغان، ونائبه الذين طالبوا الجيش باجتياح الضفة ومحو حوارة من على الأرض، وغيرها من المواقف الإرهابية المتسقة مع برنامج حكومة غلاة النازية الصهيونية. 

إذا بالتدقيق في حصاد القمة نجد أنه صفرًا، لا بل مرًا وعلقمًا. الأمر الذي يؤكد، أن الذهاب للقمة بعد مجرزة حارة الشيخ مسلم في البلدة القديمة في نابلس يوم الأربعاء الموافق 22 فبراير الماضي التي ذهب ضجيتها أحد عشر شهيدًا وما يزيد عن المئة جريح بالرصاص الحي والقنابل، أضف لما يزيد عن 200 أصيبوا بالاختناق من قنابل الغاز، لم يكن موفقًا، لا سيما وأن حكومة نتنياهو السادسة لم تخف وجهها الفاشي، ولا خيارها الاستيطاني الاستعماري، وهي لم ولن تقدم للشعب الفلسطيني أي إشارة إيجابية لبناء أفق سياسي، وكل ما يمكن أن تقدمة هو الموت والقتل والاجتياح والحصار وحماية قطعان المستعمرين ليعيثوا فسادًا في الأرض الفلسطينية. ويخطىء من يعتقد أن هناك أمل ولو نصف في المئة لتراجع تلك الحكومة الإرهابية عن خيارها ووحشيتها وعمليات تطهيرها ضد الفلسطينيين. 

وكان الأجدر مطالبة الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها من الأقطاب الدولية أولاً تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني؛ ثانيًا إلزام حكومة زعران الفاشية الجديدة بالوقف الفوري لكل انتهاكاتها وجرائم حربها، وإلغاء قوانينها العنصرية، ووقف قرصنتها لأموال المقاصة والعودة لما كانت عليه الأمور في 28 سبتمبر 2000، والدعوة الفورية لمؤتمر دولي ملزم، وغيرها من الخطوات. ولدى أميركا كل أوراق القوة لفرض ذلك على إسرائيل إن شاءت. لكن إدارة بايدن ليست بوارد ذلك، رغم تشدقها بالتمسك بخيار حل الدولتين. وهي تعلم أن هذا التمسك له ثمن، الاعتراف بدولة فلسطين، وفتح القنصلية في القدس، وفتح الممثلية الفلسطينية في واشنطن، ورفع منظمة التحرير من قوائم الإرهاب، والتوقف عن ملاحقة ملف اللاجئين الفلسطينيين ... الخ  

وعليه يبدو، أن عقد قمة شرم الشيخ في 17 مارس الحالي بات صعبًا، لأن إسرائيل ليست معنية بأي سلام مهما كان عنوانه ومحتواه، وكونها تدفع الأمور دفعًا نحو آفاق لا تحمد عقباها.