أسقط الكنيست مشروع "قانون عقوبة الإعدام ضد منفذي العمليات الفدائية"، الذي اقترحه عضوًا البرلمان الفاشيان ماي جولان وايتمار بن غفير. واعتقد البعض ان اسقاط المقترح خطوة "إيجابية"، والحقيقة أن الأمر ليس كذلك نهائيًا. لأن الكنيست مرر سابقًا مجموعة قوانين عنصرية تفي بالغرض وأكثر، منها السماح لضباط وجنود جيش الموت الإسرائيلي باطلاق الرصاص فورًا على أي مواطن فلسطيني لمجرد الاشتباه أو حتى دون ذلك، كما حصل في ذات اليوم باغتيال الشهيدة غفران وراسنة والفتى عودة صدقة وقبلهم الشهيدة شيرين أبو عاقلة، وسبقهم اغتيال الشهيدتين غادة السباتين وغدير السلايمة والعشرات والمئات وآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ من أبناء الشعب الفلسطيني. 

دولة إسرائيل الفاشية ليست بحاجة لسن قوانين جديدة تفضح وتعري حقيقتها الاجرامية، في الوقت الذي تحاول أن تغطي جرائمها ووحشيتها، وتسعى لاضفاء صفة "الدولة الديمقراطية" على نفسها، والديمقراطية براء منها ومن سياساتها الإرهابية، لكنها فشلت، ولن تتمكن من اسباغ هذه الصفة عليها. ومن يتابع مجازر وجرائم واجتياحات وحروب دولة المشروع الصهيوني الاستعمارية يدرك حقيقتها الفاشية منذ كانت نواة دولة قبل تأسيسها على انقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني في العام 1948، وبعد قيامها، وحتى الآن، وإلى ما شاء الله من وجودها. 

عشرات المذابح من دير ياسين إلى كفر قاسم وحيفا والرملة واللد وصفد والدوايمة والطنطورة وخان يونس وغزة وبحر البقر في مصر وحمامات الشط في تونس وصبرا وشاتيلا وقبية والقدس ومخيم جنين ونابلس وقلقيلية.. وغيرها الكثير الكثير من المذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية، وجيش الموت الإسرائيلي على مدار تاريخ وجودهم في فلسطين، ومنذ بدأت موجات الهجرة الصهيونية للوطن الفلسطيني من بدايات القرن العشرين، ومازالت ترتكب حتى اليوم عمليات القتل ضد أبناء الشعب الفلسطيني ارتباطًا بمخطط التطهير العرقي للأرض الفلسطينية العربية من أبناء شعبها لتحقيق أهدافها الاستعمارية، وتحقيق شعارهم التاريخي "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض" الكذبة الكبرى، التي لم تعد تنطلي على أحد في الكرة الأرضية، ونفاهًا بشكل يومي أبناء الشعب العربي الفلسطيني بكفاحهم التحرري. 

وعليه هل تحتاج هذه الدولة المنتجة والمعممة للارهاب المنظم لسن قانون الاعدام، التي دعت كل قطعان مستعمريها قبل أيام لحمل السلاح لقتل الاغيار الفلسطينيين أصحاب الأرض والوطن؟ ولماذا تصادق على هكذا قانون معمول به ومطبق في الواقع؟ ولماذا تقر قانوناً يميط اللثام أكثر فاكثر عن طبيعتها الفاشية؟ وما الفائدة المرجوة منه، طالما هناك بدائل تؤدي نفس الغاية وتخدم توجهات السياسات الاجرامية للدولة وبشكل ضبابي، ودون الوضوح الذي يحمله القانون المذكور؟ لماذا تفتح العيون الدولية أكثر وأكثر، وهي تلملم عارها وفجورها الإرهابي من عقاله أمام الرأي العام العالمي؟ 

ومع ذلك لا يحتاج العالم إلى شواهد ووقائع جديدة للدلالة على همجية الدولة الإسرائيلية الاستعمارية، الذي يكفيه برهانًا إنها تواصل استعمارها على الشعب الفلسطيني وأرض وطنه الأم ودولته المحتلة منذ 74 عامًا، وتمارس ضده أبشع أشكال العدوان والتنكيل والبطش والإرهاب المنظم بشكل يومي، وعلى مرآى ومسمع من العالم، وأمام الكاميرات. ولا توجد ضرورة ليتأكد الرأي العام العالمي أن الدولة الإسرائيلية المارقة والخارجة على القانون لديها كل القوانين العنصرية والاجرامية وفي مقدمتها قانون "أساس الدولة اليهودية" الذي أقرته في تموز/ يوليو 2018، وكرست من خلاله بشكل جلي وعميق رفضها لخيار السلام الممكن والمقبول فلسطينيًا وعربيًا وأمميًا، كونها اجازت حق تقرير المصير لليهود الصهاينة على أرض فلسطين التاريخية فقط، ونفت بشكل كلي أي حق للفلسطينيين في تقرير مصيرهم في وطنهم الام.

ورفض نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الفاشي مشروع القانون، لا يسقط عنه دوره الإرهابي والفاشي، ولا يبيض صفحته السوداء، ولا يغير من كونه أحد غلاة القتل المنظم لأبناء الشعب الفلسطيني، والرافض لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، والداعي لمواصلة الاستيطان الاستعماري على كل الأرض الفلسطينية، وهو أعلى أشكال الإرهاب. 

بالنتيجة إذا أقر القانون، أو لم يقر سيان، ولا يغير من واقع وطبيعة الدولة الإسرائيلية الفاشية صاحبة أعلى وأكثر سجل إرهابي واجرامي في التاريخ المعاصر، وعلى العالم أن يقف لمرة واحدة فقط، وليس محكمة الجنائية الدولية وحدها لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة .

المصدر:الحياة الجديدة