في أحد اللقاءات المتلفزة، يؤكد "يهودا شاؤول" وهو جندي سابق خدم في قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية بأن أي جندي إسرائيلي خدم في المناطق الفلسطينية المحتلة لا يمكن أن تكون يداه نظيفتين، فبمجرد خدمته العسكرية في المناطق المحتلة "فهو لا يستطيع أن يتعامل مع الفلسطينيين كبشر مساوين له ولهم حقوق كسائر الأفراد" على حد تعبير شاؤول. ويتابع شاؤول بأنه أثناء خدمته العسكرية في مدينة الخليل المحتلة لمدة 14 شهراً، كان مطلوباً من فرقته العسكرية بشكل يومي إشعار الفلسطينيين بأن هنالك جيش احتلال يستطيع أن يأتيهم من كل مكان وبشكل غير متوقع، وذلك بهدف منعهم من التفكير بأي عمل مقاوم ضد إسرائيل، وكان هذا يتطلب إقامة الحواجز العسكرية الدائمة والمؤقتة وحظر التجول على المدن والقرى الفلسطينية، ومداهمة البيوت يومياً بشكل عشوائي وتفتيشها دون الحاجة لأي معلومات استخباراتية.

ليس هذا فحسب، فجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يعيث عنفا في الأراضي الفلسطينية المحتلة توكل له مهام عدوانية كثيرة؛ منها حماية المستوطنات، وأسر الفلسطينيين وتحطيم بيوتهم، وهم لا يتورعون عن قتل أي فلسطيني إذا ما قامت مظاهرات تندد بالاحتلال. والشواهد على القتل المتعمد وغير المبرر كثيرة  جداً وفي أغلب الأحيان لا تخضع أي من هذه الجرائم للتحقيق من قبل قوات الاحتلال. ولا يغيب عنا أن كل هذه المهام تعتبر جرائم خطيرة ترتقي إلى جرائم الحرب ويجرمها القانون الدولي، وتدخل في نطاق جرائم الاضطهاد والتمييز والتي رصدتها تقارير دولية عديدة أدانت دولة الاحتلال مثل تقارير منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة بيتسيلم.

من جانب آخر، تنشط حركات المقاطعة العالمية في تشجيع الجامعات الغربية على المقاطعة الأكاديمية لدولة الاحتلال. على سبيل المثال، تقوم الحملة الأكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال الإسرائيلي والأبرتهايد بدور مهم في المحافل الأكاديمية لفضح انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وإنتاج المعرفة المقاومة والمقاطعة الأكاديمية. وإلى جانب الحملة الأكاديمية الدولية، هنالك إنجازات حقيقية ومهمة حققتها الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل. وتمثلت هذه الإنجازات بقبول الجامعات البريطانية والأسترالية والعديد من الجامعات الغربية مبدأ المقاطعة الأكاديمية. كما حققت فيدرالية "الكوبلاك" دوراً بارزاً في أمريكا اللاتينية بمقاطعة إسرائيل واستقطاب الجامعات لصالح القضية الفلسطينية. وبرغم كل هذه الجهود المقدرة، إلا أن غالبية الجامعات الغربية والتي تقاطع أكاديمياً دولة الاحتلال ما زالت تقبل الطلبة الإسرائيليين الذين خدموا في جيش الاحتلال في الضفة الغربية وفي المستوطنات. ومثل هذا السلوك يتنافى أساساً مع مبدأ المقاطعة أولاً، كما أنه يتنافي ثانياً مع القيم الدولية ومنظومة القانون الدولي التي تجرم دولة الاحتلال "إسرائيل" وتتهمها بارتكاب جرائم الاضطهاد والتمييز. في هذا الإطار، فإنه يجب التأكيد على أن قبول الجامعات الغربية للطلبة الإسرائيليين الذين خدموا في قوات الاحتلال في المناطق الفلسطينية المحتلة وفي المستوطنات يشجع على استمرار الاحتلال ويعتبر بشكل أو بآخر قبولاً باستمرار منظومة الاحتلال. وفي السياق، فإن تقييد قبول الطلبة الإسرائيليين الذين يقدمون طلبات الالتحاق بالجامعات الغربية بشرط عدم الخدمة العسكرية في الضفة الغربية وفي المستوطنات يتوافق مع القيم الدولية والأكايمية، ويرسل رسالة واضحة إلى دولة الاحتلال بأن المجتمع الأكاديمي العالمي يرفض مبدأ الاحتلال لأراضي الغير بالقوة كما نصت الشرعية الدولية. وفي النتيجة، فإن دعوة حملات المقاطعة الدولية لإسرائيل في الجامعات الغربية بتقييد قبول الطلبة الإسرائيليين وفقاً لهذا الأساس تعتبر فاعلة في حملات المناصرة الدولية للقضية الفلسطينية. حيث إن قبول الطلبة الذين لديهم سوابق إجرامية ضد الإنسانية يعتبر بمثابة القبول والاشتراك في هذه الجرائم.

 

المصدر: الحياة الجديدة