ميساء عمر

تتصدر حديقة الحيوانات الوطنية في مدينة قلقيلية، أولى الأماكن السياحية التي تقصدها العائلات بأيام الأعياد من مختلف أنحاء الضفة الغربية، حيث تستقبل كل عام بحسب البلدية نحو 25-30 ألف زائر خلال أيام العيد.

ويرى الزوار دخول حديقة الحيوان؛ فرصة لأخذ قسط من الراحة والتأمل بالطبيعة، واستغلال الأجواء الصيفية بعيدا عن ازدحام الشوارع والأسواق، وبعيدا عن العمل، كما يقول المواطن علي شريم الذي حضر مع عائلته من بلدة كفر ثلث جنوب قلقيلية.

منذ 36 عاما تم إنشاء الحديقة، على مساحة كانت لا تتعدى عشرة دونمات آنذاك، ومع سعي الجهات المختصة لتطويرها امتدت مساحتها لما يقارب الـ46 دونما، ويجري سنويا استحداث مناطق للحيوانات والألعاب، لتلبي حاجات المواطنين وتبقى مقصدهم في أي وقت كان.

الحاج أبو محمد من مدينة قلقيلية افترش الأرض لتناول الطعام مع أحفاده في الحديقة، قائلا: إن أجمل ما في الحديقة أنها تجمع أناسا من مختلف الفئات العمرية بمكان واحد، يجلسون مع بعضهم ويتبادلون الأحاديث تارة، وتارة ثانية يركضون خلف بعضهم البعض، وتجدهم يلتقطون الصور التذكارية، وكل ذلك والضحكات لا تفارق وجوههم، وكأنهم كانوا غائبين عن بعضهم دهرا".

ويقول مدير حديقة الحيوانات معاذ زيد، إن الإقبال على الحديقة بفترة الأعياد يفوق الأيام العادية، وتنبع أهميتها كوجهة سياحية وترفيهية كونها تحتوي على الكثير من المحطات الترفيهية والبيئية والثقافية والسياحية، فتؤمها العائلات للاستمتاع بالطبيعة والمساحات الخضراء التي تقيم عليها حفلات الشواء، كما ينشغل الأطفال باللهو بمدينة الألعاب المجهزة بأحدث الألعاب التلقليدية والتكنولوجية، التي تناسب مختلف الأعمار.

ويضيف "بعض العائلات تستغل هذه الفرصة لتتعرف أكثر على عالم الحيوانات والطيور النادرة بأصنافها المتعددة، فالحديقة تحتوي على ما يقارب 67 سلالة من الحيوانات، منها الثديات وتحتوي على 40 نوعا، والطيور 30 نوعا، والزواحف 25 نوعا، ومعظمها أفريقية، وأكثر ما يجذبهم رؤية الأسد، وحيوان القوتي الذي تم جلبه من غابات الأمازون، وحيوان وعل الجبل الفلسطيني وهو حيوان مهدد بالإنقراض بفلسطين لذلك يجري الإكثار من سلالته الوراثية، في حين تجري الخطة لجلب عدد من الزرافات، والجمال، والأشبال.

ويتابع زيد: "الحديقة معلم تاريخي وإرث حضاري، فهي ليست حديثة الوجود، فقد تعاقبت عليها الكثير من الأحداث السياسية وبقيت محتفظة بمقتنياتها منذ القدم، والحفاظ عليها هو حفاظ على الهوية والتاريخ، وهذا الأمر يدفعنا دائما للبحث عن سبل لتطويرها والارتقاء بها وحفظ ديمومتها".

من جهته، يرى الشاب نضال يونس من قرية عزون عتمة: أنه في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المجتمع الفلسطيني، وصعوبة السفر أو حتى التنقل بين المحافظات، كانت الحديقة بالنسبة الملجأ الوحيد لقضاء بعض الوقت مع أطفاله، خاصة أنها تناسب دخله المحدود.

بدوره، يشير مدير شعبة المتاحف بالحديقة سامي خضر إلى أن الحديقة تمثل مصدرا هاما للمعرفة والثقافة، فهي تحتوي على مجموعة من المتاحف التعليمية التي تجذب الأطفال خاصة طلبة المدارس منهم لزيارتها والتعرف عليها، فهذه المتاحف وما تحويها من مقتنيات ومعلومات عنها، جاءت مطابقة مع محتوى المنهاج الفلسطيني، وبالتالي ستكون قريبة من عقولهم وتجذبهم لتعرف عليها ومن السهل استيعابها.

ويوضح أن هناك 3 متاحف بالحديقة: متحف الأحياء ويحتوي على مجسمات تعليمية لأجنة حيوانات محنطة، وهيكال عظمية وحشرات وجلود حيوانات، وبوسترات تعليمية للكبار والصغار، المتحف الثاني الزراعي ويحتوي على 80 صنفا من النباتات العشبية والطبية ومنطقة النحل، ومتحف للفضاء واستكشاف علم الفلك، إضافة إلى متحف خاص بعلم الجيولوجيا ويحتوي على دراسات ومختبرات متخصصة للدراسات المعدنية والصخرية والحفريات - الفقاريات واللافقاريات.

ويبين أنه يجري حاليا العمل على إعداد متحف خاص للكبار، وكهف خاص بالأطفال يحتوي على مجسمات برية وصحراوية، وتعزيز دائرة يطلق عليها الإرشاد السياحي للمهتمين بتعزيز قدراتهم وميولهم نحو هذا المجال، كما أن الحديقة تتطلع لإنشاء متحف خاص بالآثار بالتعاون مع وزارة الثقافة، ومتحف بحري يحتوي على وسائل البحرية المختلفة.

وعن التحديات التي يواجهونها يقول خضر: إن هذه التطورات بحاجة إلى ميزانيات ضخمة فمنذ عامين ونحن نعمل على تطوير الكهف الخاص بالأطفال لكن الأمر بحاجة الى دعم مادي لذلك نسعى دائما لتعزيز سبل التعاون والاتصال مع الجهات المختصة داخليا وخارجيا للحصول على تمويل ودعم لهذه المشاريع