زكريا المدهون
على بعد أمتار قليلة من ميناء الصيادين غرب مدينة غزة، انشغل عطيّة مقداد (34 عاماً) في اعادة اصلاح قارب صيد صغير تضرر بفعل اعتداءات زوارق الاحتلال الحربية التي تلاحق يومياً الصيادين وتحرمهم من قوت أطفالهم.
تحول المكان الى ما يشبه ورشة عمل تضج بأصوات معدات تعمل بواسطة مولد كهربائي متوسط الحجم، ضمن مشروع تموله "المساعدات الشعبية النرويجية" وينفذه اتحاد لجان العمل الزراعي في قطاع غزة.
مقداد الذي عمل سابقاً بمهنة الصيد، وضع قطعا من الخشب و"الفيبر غلاس" والشاش لإغلاق فتحات في هيكل قارب صغير (حسكة) يعمل بواسطة ماتور صغير، فيما عشرات القوارب المتضررة تنتظر دورها للتصليح.
وتتعمد قوات الاحتلال الاسرائيلي يومياً ملاحقة قوارب الصيادين في المساحة المسموح الصيد فيها وتجبرهم على العودة الى الشاطئ.
"نقوم بإعادة اصلاح وتأهيل القوارب من الصفر ونعيدها للعمل من جديد لأن أصحابها لا يملكون المال الكافي لذلك" يقول مقداد الذي يعيل 6 أفراد لـ"وفا".
وأشار الى أن أضرارا كبيرة لحقت بقوارب الصيد نتيجة عوامل طبيعية واعتداءات قوات الاحتلال وبذلك أصبحت غير قابلة للعمل، منوها الى أن القوارب التي يقوم بإصلاحها حاليا تعود لصيادين من دير البلح وسط قطاع غزة.
وتفرض قوات الاحتلال حصارا مشددا على قطاع غزة منذ حوالي 14 عاماً أدى الى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، بينما ترك مئات الصيادين أعمالهم بسبب الانتهاكات الاسرائيلية بحقهم.
ويستغرق العمل بالقارب الصغير حوالي ثلاثة أيام، ويأخذ من 2-3 صفائح من مادة "الفيبر غلاس" و30 متراً من الشاش حسب مقداد، لافتا الى أن سعر الصفيحة الواحدة 1200 شيقل، بينما بلغت قبل الحصار 200 شيقل فقط.
وتمنع قوات الاحتلال الاسرائيلي ادخال مادة "الفيبر غلاس" والمعدات اللازمة للصيد ومواتير القوارب تحت ذرائع وحجج واهية.
وينجز مقداد والعاملون معه كما يقول حوالي 35 قارباً شهرياً، مشيرا الى حصوله على دورات تتعلق بإعادة واصلاح قوارب الصيد.
يهدف المشروع كما يقول مدير دائرة العمليات والتطوير في اتحاد لجان العمل الزراعي بشير الأنقح، الى اعادة اصلاح قوارب الصيادين المتضررة من الاحتلال والعوامل الطبيعية، منوها الى أن تكلفة المشروع الذي يشمل في شقه الثاني القطاع الزراعي 248 ألف دولار أميركي.
وقال الأنقح: "المشروع يشمل 100 قارب صغير (حسكة) تعمل على الماتور والمجذاف"، مضيفا: يعمل على قارب الماتور 3 صيادين والمجذاف 2 وكل صياد يعيل أسرة.
واضاف "تكلفة تصليح حسكة المجذاف تتراوح ما بين 600 و800 دولار في حين تبلغ تكلفة حسكة الماتور ما بين 800 و1000 دولار.
وأوضح مدير دائرة العمليات والتطوير، أن المواد المخصصة لتصليح قوارب الصيد غير متوفرة في قطاع غزة بسبب الحصار الاسرائيلي ويتم الحصول عليها بصعوبة بالغة لا سيما مادة "الفيبر غلاس" والشاش.
وأكد ان الصيادين (4000 صياد) يعيشون ظروفا صعبة بسبب الحصار والملاحقة من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي التي تتلاعب بمساحة الصيد.
في تقرير حديث لمركز الميزان لحقوق الانسان في غزة، بلغ عدد الانتهاكات الاسرائيلية العام الماضي ضد الصيادين في القطاع 333 انتهاكا شملت إطلاق نار واعتقال وتخريب معدات صيد.
واتهم المركز الحقوقي قوات الاحتلال بتعمد الاستمرار في تقليص مساحات الصيد أمام الصيادين الفلسطينيين، وصولا في بعض الاوقات الى منع النشاط البحري، مشيرا الى تخريب المراكب ومصادرتها واعتقال من عليها.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها