يعاني الكيان الإسرائيلي حالة متواصلة من عدم الاستقرار السياسي فهو يذهب للانتخابات للمرة الرابعة خلال أقل من عامين الأمر الذي له مدلولاته الخاصة على الساحة السياسية الداخلية في إسرائيل ففي كل مرة كان يذهب فيها الإسرائيليون للانتخاب كان يحدوهم الأمل بأن تكون هذه المرة هي الأخيرة في هذه السلسة المتواصلة من عدم قدرة أي من الأحزاب السياسية على تشكيل ائتلاف حكومي متماسك يستطيع الاستمرار في العمل الحكومي دونما أزمات، وبالرغم من أن نتنياهو استطاع إقناع منافسه السابق ورئيس هيئة الأركان السابق بني غانتس بالانضمام لحكومته لم تكمل هذه الحكومة العام دون أزمات أدت لإسقاطها وإسقاط التحالف الأهم الذي استطاع منافسة نتنياهو بثلاث جولات انتخابية متتالية هذا التحالف الذي أطلق عليه "أزرق أبيض" أصبح الآن أثرًا بعد عين حيث إن معظم مركباته قد تلاشت واختفت عن الساحة السياسية إلى "يوجد مستقبل" الذي كان هو العمود الفقري لهذا التحالف وما زالت حظوظه جيدة للحصول على معظم مقاعد مركز اليسار الإسرائيلي، غير أن عدد هذه المقاعد لن يكون كافيًا بمفرده لتشكيل ائتلاف حكومي، وحتى وإن تحالف مع أحزاب أقصى اليسار والعرب مع أحزاب اليمين التقليدي. ما يعني بكل تأكيد توفر فرصة إضافية لرئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو لتشكيل حكومته السادسة فهو الذي خطط منذ البداية لتوحيد جناحي اليمين الديني والفاشي المتطرف "القوة لإسرائيل" و"الصهيونية الدينية". هذان الحزبان اللذان كانا في أقصى الساحة الحزبية واللذان فشلا لمرات عديدة في تجاوز نسبة الحسم ودخول الكنيست الإسرائيلي، حيث عمل نتنياهو وحزب "الليكود" على تجنب أي دعاية انتخابية تمس بهذين الحزبين في معاقلهما الرئيسية داخل المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية، بينما تعمد وبشكل ممنهج ومكثف الضغط على حزبي " أمل جديد" و"إلى اليمين" المنافسين الأشد له على أصوات اليمين الإسرائيلي، فهذان الحزبان هما من رحم الليكود وتتألف الأصوات الداعمة لهما من جماعات منتمية سابقًا لحزب الليكود غير أنها رافضة للنهج الجديد الذي أسس له نتنياهو منذ صعوده للحكم للمرة الثانية بعد توليه رئاسة الحكومة الإسرائيلية للمرة الأولى في حياته نهاية القرن الماضي.

لأجل ذلك فإن المنافسة الحقيقية في هذه الانتخابات ستكون بين أحزاب اليمين المتطرف واليمين الفاشي وحتى وإن حدث ما هو غير متوقع ولم يستطع بنيامين نتنياهو تشكيل الحكومة الثالثة سيعمل تحالف المركز واليسار على اجتذاب إحدى شخصيات اليمين المتطرف ليكون رئيسا للحكومة القادمة مما يعني فرض أجندة يمينية بحتة على طاولة الحكومة الإسرائيلية القادمة .