لم يبقَ سوى ساعات على بدء الانتخابات في الثالث والعشرين من هذا الشهر آذار، وهي الانتخابات الرابعة في سنتين، وإذا لم تكن هذه الانتخابات لصالح نتنياهو فإنه سيحاول احباط نتائجها أي الذهاب إلى انتخابات خامسة، هل هذه أزمة سياسية أم اخطر من ذلك كثيرًا، أزمة وجودية.

المجتمع الإسرائيلي، يعرف المخاطر ولكنه بدلًا من تلاشيها يندفع اليها أكثر، وجل ما يستطيعون هو تصعيد موجة العدوان والارهاب والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني الذي تقوده قيادته السياسية الشرعية إلى مزيد من الحضور والثبات والوعي بالتغيرات على صعيد العالم، بل أن نتنياهو كل ما يحاول أن يحصل عليه هو وقت مستقطع ليس الا، لكي يثبت للإسرائيليين انه اللاعب الوحيد في المنطقة، وأنه هو الذي يحدد الأصدقاء والأعداء، وأنه يتبجح بأنه وقع اتفاقات سلام مقابل سلام أي ليس مطلوبًا منه أي ثمن، هذه معادلة وهمية تصدى لها رئيسنا ورأس شرعيتنا أبو مازن أيام دونالد ترامب وهو يواصل التصدي بأدوات فلسطينية أكثر نضجًا عبر تنظيف البيت دون ضجيج، وعبر أشقائه العرب الذين ينبههم الى هشاشة المعادلات، فليس لدي نتنياهو ما يعطيه، انه يطلب فقط انقاذ نفسه وهذا مطلب في غاية الاستحالة، والمشهد الداخلي في إسرائيل هذه الأيام غائص في الفوضى وفي الادعاء، تطهير عرقي، كما في حي الشيخ جراح في القدس، والاستيطان يتوحش أكثر حتى ان مدينة تل أبيب على وشك أن يلتهمها الاستيطان، وتتباعد المسافة والمصالح بين العلمانيين والمتدينين، وبين اليهود الشرقيين والغربيين إلى حد العداوة المطلقة، والتعدي اليومي على حياة الفلسطينيين أرضًا وبيوتًا ومؤسسات وأشجارًا ومصادر المياه، فحبات المطر يتم منعها من السير في دورتها الطبيعية بينما المياه العادمة تتدفق في حقول الفلسطينيين كالسم الزعاف، بل أن الخارطة السياسية في إسرائيل تبدو في غاية الشذوذ، نتنياهو بلغت به الأزمة أنه ذهب ليشرب القهوة العربية في أقصى جنوب النقب في العراقيب، ثم ذهب ليشرب في المتى في شفاعمرو في عكا أقصى الشمال، يحاول ان يملأ جيوبه من الاصوات العربية، وكأن العرب في إسرائيل، وهم أهل الوطن الأصليين، قد فقدوا الذاكرة.

يا أيها الفلسطينيون لقد حان أوانكم، لا تنخرطوا في الضجيج، وطوبى لحقوقكم وثوابتكم، روايتكم تتجذر في الارض، والفجر يرسل بشاراته بأنكم أنتم الأعلون.