عام مر على رحيل أحمد عبد الرحمن، أيقونة النص الوطني، وكلمته الأمينة التي تنورت بالصدق والموضوعية، بعيدًا عن البلاغة الاستعراضية، والاستهلاكية، وحين نصف هذا الراحل الكبير بأنه أيقونة النص الوطني بكلمته الأمينة، فلأنه من أعطى الإعلام الوطني هويته المهنية، بخصوصيتها الفلسطينية،لا بل إنه هو من شكل مدرسة في هذا الإطار، بلا تجريب، ولا أي شكل من أشكال الامتثال أو التماهي مع مدارس الإعلام الليبرالية، والأخرى  العقائدية، والحزبية، والشمولية.

وبقدر ما كان الراحل الكبير مؤمنًا بحتمية انتصار فلسطين بشعبها وثورتها ومشروعها الوطني، بقدر ما كان بليغًا في نصه الإعلامي الذي حملته "فلسطين الثورة" في افتتاحياتها والتي كانت تعبر عن الموقف الوطني الفلسطيني، تجاه مختلف قضايا الصراع العربي الفلسطيني - الإسرائيلي، وليس هذا فحسب، بل والتي تعبر عن سلامة هذا الموقف، وصحته السياسية والنظرية، وبما يحمل من رؤى مستقبلية.

وأحمد عبد الرحمن كان جملة من الرجال في رجل واحد، بمهمات مختلفة ومسؤوليات عدة، وبقلب ينبض بتفجرات الحياة الجمالية، كان محبًا للحوار، وحيث كان يدرك الخلاف وسيلة للتآلف، كلما كان بليغًا في وطنيته الفلسطينية، ولم يكن عبد الرحمن متعصبًا، ومغلقا على فلسطينيته، بل كان قوميًا يرى في عروبته مجال فلسطين الحيوي، وبمعنى العمق الاستراتيجي الذي سيؤمن في المحصلة انتصارها.

ليس هو الحنين والتوق إلى الماضي من يجعلنا نتذكر ونستذكر أحمد عبد الرحمن، وإنما هو الواقع الذي يقول لا ماضي للأيقونات والرموز، ولأن أحمد لطالما كان يحرص على المستقبل، وهو يدعو إليه بنص الحرية وسلوكها الوطني الفلسطيني وتطلعاتها الإنسانية النبيلة.

سلامًا أبا يزن.. والعهد هو العهد والقسم هو القسم والوعد هو الوعد حتى ترضى فلسطين ولسوف ترضى.