ما فرحت بنجاح جو بايدن بل فرحت بفشل المتعجرف ترامب ومثلي ملايين النّاس من مشرق الشّمس إلى مغربها. فقد تخلّص العالم من زعيم أميركيّ متغطرس متعجرف عنصريّ كذّاب معاد للدّيمقراطيّة وللنّساء وللسّود وللضعفاء وللقانون ولحقوق الانسان ولكلّ ما هو جميل.
كان ترامب كابوسًا ثقيلًا على صدر الأكثريّة من الشّعب الأميركيّ فما أن أعلنت الـ (سي.أن.أن)، فوز بايدن وفشل الرّجل غير السّويّ حتّى خرجت الملايين من الأميركيّين من بيوتهم وملأوا الشّوارع والسّاحات يهتفون ويرقصون ويغنّون في مشهد لم تعرفه المدن الأميركيّة منذ نهاية الحرب العالميّة الثّانية.
بذّ ترامب قادة المستوطنين في التّطرّف وعداء الشّعب الفلسطينيّ وعيّن سفيرًا أميركيًّا وقحًا اسمه فريدمان، سفيرًا للمستوطنين في البيت الأبيض وليس سفيرًا لأميركا في اسرائيل، ونجح ترامب وسفيره بتحويل الدّولة العظمى إلى دولة تابعة لإسرائيل بعدما كانت إسرائيل منذ مولدها تابعة لأميركا وتعيش على خيراتها وترعى في حقولها حتّى أنّ صحفيًّا إسرائيليًّا كبيرًا كتب قبل عامين تقريبا في صحيفة "يديعوت أحرونوت": "لولا أميركا لعاش شعب إسرائيل على الخبّيزة"!!
تصرّف ترامب مع معظم زعماء العالم كأنّه "قبضاي الحارة" أو "فتوّة الحيّ" أو "كاوبوي النّاحية" أو "مجنون البلدة" فساءت علاقات الولايات المتحدّة الأميركيّة مع الصّين ومع الاتّحاد الأوروبيّ ومع الأمم المتّحدّة ومنظّماتها العديدة ومع الكثيرين.
ونفّذ ترامب كلّ ما أراده صنوه نتنياهو فعادى إيران وعادى منظمّة التّحرير الفلسطينيّة وعادى الشّعب الفلسطينيّ وأنكر وجوده، وأيّد ودعم الاستيطان في الضّفة الغربيّة وتنكّر لحلّ الدّولتين و...و.. إلخ.
وهرول ملوك ورؤساء وأمراء يتكلمون اللغة العربيّة إلى حظيرة ترامب يحملون خيرات شعوبهم، أموالًا ونفطًا وغازًا، وجواهر وطيبًا وقاتًا، وسيوفًا ورماحًا، عباءات وكوفيات، عيونًا ورؤوسًا وظهورًا وأكتافًا، وقدّموها له مجّانًا بعد أن وعدهم أن يحميهم من "الواوا".
واشتروا منه الطّائرات الحربيّة والأسلحة الحديثة بالمليارات ووعدوه أن تتحوّل إلى خردة!!
قال الشّاعر الأمويّ جرير (ت722م) مخاطبًا خصمه الفرزدق:
هذا ابن عمّي في دمشق خليفةً
لو شئتُ ساقكُمُ إليّ قطينًا
والقطين تعني العبيد أو الخدم أو الأتباع.
وأكاد أتخيّل نتنياهو واقفًا أمام بيته في شارع بلفور ينظر إلى هؤلاء الملوك والرّؤساء والأمراء الّذين يحملون أسماء عربيّة ويقول: هذا صنوي في واشنطن رئيسًا.... الخ.
نجح ترامب مع بعض المسؤولين العرب فانحنوا أمامه بل ركعوا بذلّ ولكنّه فشل مع رئيس عربيّ لا يملك جيشًا ولا سلاح طيران ولا غوّاصات ولا حقول غاز ولا آبار نفط ولكنّه يملك إرادة وكرامة مدعومًا بشعب عريق وطنيّ وهذا الرّئيس هو محمود عبّاس أبو مازن. الّذي قال لترامب بملء فمّه وبصوت جهوريّ: لا. وألف لا..
أقفل ترامب السّفارة الفلسطينيّة في واشنطن وقطع المساعدات الماليّة ونقل سفارته إلى القدس المحتلة وقطع المساعدات عن "الأونروا" وأعلن صفقة القرن ودعم الاستيطان.. وبقي محمود عبّاس ثابتًا على موقفه صامدًا أمام طغيان رئيس أقوى دولة في العالم.
قال له: لا وألف لا..
وقال عنه: يخرب بيته ما أغباه.
وانقلع ترامب والعقبى لقطينه.
وبقي أبو مازن والشّعب الفلسطينيّ صامدين.
ألف تحيّة للرّئيس أبو مازن الّذي وقف بإباء أمام المتعجرف الأحمق.
تحيّة للرّئيس
16-11-2020
مشاهدة: 186
محمد طه
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها