الذين لا يقربون الديمقراطية، ولا يعرفون لها مفهومًا ولا قيمة!! لا يمكن لهم أن يفهموا التعددية في ساحة العمل الوطني الفلسطيني، سوى أنها تعددية اختلاف وصراع وشقاق، بينما هي في الواقع تعددية الحياة الديمقراطية، التي بلورتها حركة التحرر الوطني الفلسطيني، وأولاً في غابة البنادق، وعلى أساس قاعدة واحدة ووحيدة نختلف مع بعضنا البعض في دروب السياسة، ولكننا نسير معًا في دروب الكفاح والمقاومة، لتحقيق هدفنا الاستراتيجي، بدحر الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة دولة فلسطين الحرة المستقلة، بعاصمتها القدس الشرقية، وبتحقيق الحل العادل لقضية اللاجئين.

نختلف مع الحزب والسياسة، لكننا لا نختلف مع قضية الوطن، وسبل حمايته، وحماية قضيته، ومثلما قال الرئيس أبو مازن في اجتماع القمة الفلسطينية "نختلف مع حماس، لكن عند قضيتنا نحمي الوطن" ونحميه بالطبع مثلما يؤكد الرئيس بوحدتنا التي ما برحت تتفتح في حياتنا الديمقراطية، التي تهيّئ الأجواء اليوم لصندوق الاقتراع، لا لكي يجدد شرعية نظامنا السياسي فقط، والتي نثق أنها لا يمكن أن تتآكل، طالما ظل هذا النظام في طريق النضال الوطني، وإنما لصياغة الشراكة الوطنية، في إطار وحدوي سليم، تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية ووفقًا للمصالح الوطنية العليا، بما يجعلنا نقف جميعًا بوجه صفقات التطبيع ومشاريعها التدميرية، وقفة رجل واحد، وبسلطة واحدة لها وحدها قرار الحرب والسلم. ولأن الديمقراطية، وبالتجربة الفلسطينية، كانت وما زالت وستبقى خيارًا استراتيجيا، فإن ما تفرزه الانتخابات في اجراءاتها النزيهة والشفافة، تظل هي خيارات العمل الوطني الاستراتيجية، في إطاراتها النضالية، السياسية والدبلوماسية والمقاومة الشعبية، المرتكز الأساس في هذه المرحلة، لمواصلة التصدي لصفقة القرن الفاسدة، وما تحمله من مشاريع صهيونية، لا غاية لها سوى تدمير القضية الفلسطينية، من الضم إلى التطبيع، وما خفي يستهدف الأمة العربية جميعها بالتمزيق والشرذمة، لاستعبادها، والهمينة على مقدراتها وكامل ثرواتها!!!

لن نلتفت لمن لا يعرفون للديمقراطية طريقًا ولا مفهومًا ولا قيمة، لقد قطعنا أشواطًا كبيرة في طريق الديمقراطية، وباتت لنا حياتها التي لن نساوم عليها ولن نقبل أن تكون مجرد وسيلة لتخريجات تكتيكية، وبقدر ما نحن على هذه الحقيقة، بقدر ما نعمل على أن تظل حياتنا الديمقراطية، أكثر استقرارًا، وأكثر تفتحًا لمنتج يحقق لشعبنا أفضل سبل العيش الحر والكريم من جهة ومن جهة أخرى يكرس أفضل سبل المقاومة على طريق دحر الاحتلال وتحقيق السلام العادل الذي يظل أبدًا هو سلام فلسطين، ولا سلام سواه في هذه المنطقة.