نظريًا وبالملموس نجح اجتماع الأمناء العامين برئاسة الرئيس عباس، الذي عقد أول أمس الخميس الثالث من أيلول/ سبتمبر الحالي (2020) من حيث الحضور السياسي والتنظيمي الفصائلي، وبعض المستقلين ومشاركة رموز من أبناء الشعب في داخل الداخل، وممثلي أسر أسرى الحرية، وحتى رموز الدينات السماوية الثلاث: اليهودية "السمرة" والمسيحية والإسلامية، بالإضافة للكلمات التي بدأت بكلمة الرئيس أبو مازن ثم كلمة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وتلاها كلمة زياد النخالة، أمين عام حركة الجهاد، وكلمات باقي فصائل منظمة التحرير، ثم كلمة محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العربية العليا في ال48، وتوج الاجتماع بإصدار بيان سياسي شامل تضمن خطة خريطة طريق لترميم الجسور لإعادة الاعتبار لبناء الوحدة الوطنية، وطي صفحة الانقلاب، ووحدة النظام السياسي التعددي والديمقراطي، وتعزيز المقاومة بكل أشكالها وخاصة الشكل الأنسب في المرحلة الراهنة، المقاومة الشعبية السلمية، وتشكيل لجان لصياغة رؤية برنامجية سياسية وكفاحية خلال خمسة أسابيع لتقديمها للمجلس المركزي للمصادقة عليها.
كانت الأجواء خلال الاجتماع التاريخي والمهم إيجابية ودافئة، وفيها تناغم، وتكامل بين كلمات ممثلي الفصائل وغيرهم، رغم وجود تباينات هنا وهناك، وهو أمر طبيعي. لا سيما وأن للفصائل رؤى متباينة فيما يتعلق بالعلاقة مع دولة الاستعمار الإسرائيلية، مما عمق من أثر وتأثير الرسائل، التي أرسلها اجتماع القمة الفلسطينية البالغ الأهمية للشعب العربي الفلسطيني، ولإسرائيل، ولإدارة ترامب، وللعرب جميعًا المتورطين بالتطبيع المجاني بشكل علني، او بشكل غير علني، أو للذين يلعبون على كل الحبال لتمرير صفقة حلفائهم في البيت الأبيض وشارع بلفور، وأيضًا للدول غير المطبعة، وللدول الإسلامية وللعالم أجمع دون استثناء. وأبرز ما حملته الرسائل، هي: أولاً- الشعب الفلسطيني موحد وعلى قلب رجل واحد؛ ثانيًا- منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب؛ ثالثًا- القرار الوطني الفلسطيني محصور بالقيادة الفلسطينية، ولا يحق لكائن من كان الحديث باسم فلسطين وشعبها، دون أن يعني ذلك الخلط بين استقلالية القرار الوطني، وبين الشراكة الفلسطينية العربية في رسم السياسات ذات الصلة بالصراع لتحقيق افضل النتائح؛ رابعًا- عدم التخلي عن أي شكل من أشكال الكفاح، التي كفلها القانون الدولي للشعب الفلسطيني، مع التركيز على تعزيز أسلوب المقاومة الشعبية، الشكل الأنسب في اللحظة السياسية الراهنة؛ خامسًا- رفض كل أشكال التآمر بدءًا من صفقة ترامب المشؤومة وسياسة الضم والتطبيع المجاني؛ سادسًا- بناء جبهة شعبية عربية واسعة تعزيزًا لدور القوى الشعبية العربية في الساحات العربية المختلفة، وللتصدي للحكام المتورطين في التطبيع المجاني والخياني مع دولة الاستعمارية الإسرائيلية، ولاستنهاض حركة التحرر القومي العربية، لأن الهجمة تستهدف الجميع، ولا تقف عند ما يحاك ضد قضية العرب المركزية.... إلخ.
كل ما تقدم، وما شهده الاجتماع القيادي المتميز مهم ومهم جدًا، ولا يوجد أحد من النخب السياسية الوطنية لديه تحفظ على ما جرى بين رام الله وبيروت عبر وسيلة الفديو كونفرنس. لكن هل هذا يكفي؟ وهل يحقق ذلك كل الغايات المرجوة للشعب والقيادة؟ وهل الشعب والعديد من النخب ومن خلال تجربتهم المرة، يمكنهم الاكتفاء بذلك، أم هناك مسائل وقضايا استراتيجية لا بد من حلها ومعالجتها؟ وما هي؟ باقي الترجمة العملية لكل ما تم الاتفاق عليه، او يمكن ان يتم تبنيه وتكريسه كناظم لوحدة البيت الفلسطيني وتعميقه لاحقا خلال الأسابيع الخمسة القادمة. لأن الشعب ونخبه لم تعد مستعدة لأن تلدغ من ذات الجحر للمرة الألف. وليستشعر الشعب صدق النوايا، وما تم تدوينه، والاتفاق عليه، تملي الضرورة العمل على طي صفحة الانقلاب، وتسليم حكومة د. اشتية أو حكومة الوحدة الوطنية مهامها الإدارية والتنظيمية واللوجستية الأمنية والمعابر بشكل كامل، وانضمام حماس والجهاد لمنظمة التحرير، وإجراء انتخابات عامة لانتخاب برلمان يحمي النظام السياسي الفلسطيني الواحد والموحد، وتعزيز دور السلطات الثلاث على الأرض... إلخ.
ما لم يتم تطبيق للخطوات التنفيذية على الأرض، يصبح كل الحديث عن الإيجابيات في خبر كان، ولا يمت للحقيقة بصلة، ولا يعكس المواقف النظرية، التي ادلى بها الأمناء العامون أو من في مقامهم. وحتى لا نستبق الأحداث، على الجميع، كل من موقعه تحفيز كل القوى للترجمة الأمينة لخطة خريطة الطريق الوطنية، التي عكسها البيان الختامي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها