تعتبر السياحة الوافدة أحد أهم الصادرات الفلسطينية والتي تلعب دورًا مزدوجًا بِشكلٍ مباشر وهو دورها الاقتصادي ممثلاً بتشغيل عدد كبير من الأيدي العاملة، والاستثمارات الضخمة في هذا القطاع ومردودها، ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وكذلك تنشيط السوق الفلسطيني نتيجة المشتريات، إضافة إلى تقاطعه مع القطاعات الأخرى الزراعية والصناعية.

 أما الدور الآخر فهو سياسي بِشكلٍ غير مباشر من خلال حضور قوي لفلسطين على الخارطة السياحية العالمية الأمر الذي يساهم في نقل رسالتنا في التحرر وتعزيز وعي المجتمع الدولي في دولة فلسطين، فالعمل الدؤوب من أجل الحفاظ على هذا النوع من الصادرات وتنميته بِشكلٍ مستمر هو بديهي وأساسي، وبلا شك فإن صادرات أي قطاع معرضة للأزمات بأنواعها سياسية كانت أم صحية وأزمات احتلالية صهيونية وغيرها من الأزمات، وكلنا على ثقة مطلقة بِحكمة ورؤية دولة رئيس الوزراء في إدارته المباشرة لهذه الأزمة الأمر الذي يعكس عمق التفكير والقرب من المواطن والحرص على القواعد الاقتصاديه والاستثمارات الفلسطينية والتي تعتبر قصص نجاح على المستوى الفلسطيني كاستثمارات في القطاع السياحي.

وانطلاقًا من مبدأ ان لِكل مرحلة قواعدها وأسسها، فإن ما يتم بناؤه في المرحلة التي تتبعها يعتمد على الأساس المتين للمرحلة السابقة بكافة مكوناتها، مع إداركنا التام للثقل والمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق حكومتنا وحجم التفاصيل التي تقتضي المتابعة، فالمسؤولية تشمل الجميع "فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". فمن واجبنا الحتمي مساندة الحكومة في هذه المحنة الصعبة واحد اهم اشكال المساندة هو إظهار بعض التفاصيل، ولعل القطاع السياحي يشهد بعض التفاصيل الجديرة بالإشارة  والتي تتمثل في التحقق في مسألة التعامل مع أصحاب الفنادق فيما يتعلق بتحولها إلى مراكز حجر "وهنا نؤكد على مسألة طريقة التعامل" وليس على مبدأ الإستفادة من الفنادق كحلقة من حلقات إدارة الأزمة، فأصحاب الفنادق جنود في هذه المعركة ولكن آلية التنفيذ قد تحتاج إلى النزول لبعض التفاصيل:

1- التدرج على مستوى تصنيف الفندق: الفنادق في فلسطين مصنفة على أكثر من مستوى حسب درجة النجوم ، وبطبيعة الحال كل نجمة تعني حجم استثمار ليس هين وكبير وبرأس مال وطني فلسطيني، وبالنظر إلى عدد الإصابات في فلسطين فأعتقد أن الفنادق بتصنيف نجمتين أو ثلاث نجوم كافية لاحتواء جميع الإصابات في فلسطين مع بعض المراكز الصحية التي تم تخصيصها من قبل وزارة الصحة، فمسألة التدرج مسألة تقتضي الاهتمام وإعادة النظر فيما حصل وهذا ليس عيبًا في إعادة التقييم في القرارات وطرق التعامل مع أصحاب هذه المنشآت.

2- التدرج على مستوى عدد الغرف: ويتمثل في أنه حتى في الفنادق أربع أو خمس نجوم والتي تحتوي على عدد كثير قد تصل إلى 100 غرفة مثلاً في الفندق، فيمكن تحويل طابق كامل منعزل وخاص بالإصابات بدل الحجر على الفندق باكمله، وينطبق هذا على الفنادق الأخرى.

3- إن قاعدة الاستثمار السياحي الفندقي في فلسطين وحجمها والبنية الاستثمارية التي استطعنا بناءها خلال السنوات الماضية وهذه الاستثمارات برأس مال وطني لا يمكن المخاطرة بها بهذا الشكل ولا يمكن لنا بسهولة إعادة هذه الاستثمارات وإعادة الثقة بها واستخدامها من قبل زبائنهم والسائحين الوافدين لفلسطين من كل دول العالم بسهولة وسيكون مكلفًا جدًا للمستثمرين وللدولة والحكومة تشغيل تلك الفنادق بعد انتهاء الازمة والجائحة لأننا بحاجة إلى اعادة ترميم وتأهيل هذه الفنادق مره أخرى.

4- أتمنى إعادة النظر بكل تلك الاجراءات التي يتم استلام الفنادق بها واخذ القرار بوضع هذه الفنادق كمراكز حجر والتدرج بتخصيص الاحتياجات ومشاركتنا ومشاورتنا كوزارة سياحة وآثار كجهة اختصاص وجمعية الفنادق العربية.

** في الأردن الشقيق منعوا استخدام الفنادق المصنفة أربع نجوم وخمس نجوم إلا إذا اقتضى الأمر لذلك وحتى بحالة اقتضى الأمر يبدأون باستخدام طابق وليس كل المنشأة السياحية الفندقية.

** نحن بحاجة الى غرف وأسرة وخدمات صحية ولسنا بحاجة إلى تدمير قطاع سياحي كامل.. اتمنى اعادة النظر بالموضوع برمته وحق لأصحاب هذه المؤسسات ضمان حقوقهم واستثماراتهم وهناك رعب كبير لديهم على أملاكهم ومستقبلهم.

وعلينا أن نتميز بعمق التفكير والنظرة الاستباقية الثاقبة، وحسن التصرف والتدبر، وتجلي عبقرية الاستثمار لأصغر العناصر المتاحة، وإلباس كل حالة لباسها المناسب وعلى قلة الإمكانات المتاحة وكثرة المعيقات المحيطة، ما وضع التجربة الفلسطينية في مصاف الخبرات العالمية، ما أثار إعجاب وتقدير دول العالم لأداء حكومتنا الرشيد في مواجهة وادارة الجائحة التي ألمت بالعالم وعلينا أن نبني ونراكم على هذا التميز بقطاعنا السياحي بعد انتهاء هذه الأزمة العالمية.

إبراهيم الحافي/ مدير عام المحافظات الوسطى، عضو مجلس ادارة الصادرات الفلسطينية - وزارة السياحة والآثار