ما زالت حكومة الكيان الصهيوني تعبّر عن عجزها في التعاطي مع الشعب الفلسطيني ومطالبه المحقة، والمشروعة والمؤيدة من جميع دول العالم باستثناء الولايات المتحدة ورئيسها.

إنَّ التفكير الصهيوني الأمريكي داخل ((صندوق الأمن والإستيطان، والتوسع، والإنكار للحقائق التاريخية، والجغرافية، والسكانية، والقانونية والمشروعية الدولية))، التي يجب أن تحكم نهاية الصراع في فلسطين وعلى فلسطين، تضع القيادة الصهيونية الأمريكية عاجزة عن الفهم والإستيعاب وعاجزة عن اجتراح الحلول والسياسات التي من شأنها أن تجد القبول لدى الشعب الفلسطيني أولاً ولدى العالم وقواه الحية ثانيًا، والتي تؤيد الحقوق القومية والوطنية للشعب الفلسطيني في وطنه، مما يؤدي إلى استمرار حالة التوتر والعنف، وسيل الدماء من الطرفين، دون إدراك أن جميع الحقائق تحتم ((التفكير خارج الصندوق الصهيوني الأمريكي)) والنظر إلى الواقع والحقائق التي تؤكد فشل سياسات الكيان الصهيوني في إخضاع الفلسطينيين لرؤيته الفاشية والعنصرية، المرفوضة من جميع دول وشعوب العالم، وإن تَبَاينَ التعبير عن ذلك من دولة لأخرى، إلّا أن هناك إجماع على تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، آجلاً أم عاجلاً، ووضع حدٍ لهذا العنت الصهيوني، والإنغلاق النفسي والأمني، الذي لا ينتج إلا حلولاً عسكرية وأمنية، تزيد الصراع تأججًا وإشتعالاً أمام فقدان الأمل لدى الفلسطينيين بالتوصل إلى حلٍ أو تسوية للصراع الدامي منذ عشرة عقود متواصلة.

لقد منح الفلسطينيون الكيان الصهيوني أكثر من عقدين من الزمن، لدفعه للتفكير خارج الصندوق وبكل واقعية سياسية تجاوبًا مع الجهود الدولية، والإنفتاح على حلول وسط تلبي الحد الأدنى من متطلبات التسوية الواجبة بين الطرفين، ولكن دون جدوى، هذا ما تمخضت عنه مؤخرًا جهود الرئيس ترامب وصفقته المخادعة والمناقضة للواقعية السياسية وللشرعية الدولية، فقد إزداد بها العقل المتحكم إنغلاقاً داخل الصندوق، لدرجة بات لا يتحدث سوى مع نفسه، واعتقاداته الزائفة والمزيفة، (فهو يفاوض نفسه)، لذا جاء الرد الفلسطيني الرافض لهذه الأوهام وهذه الأفكار غير الواقعية وسوف تنطلق موجة فلسطينية جديدة سواء سميت هبة، أو غضبة، أو إنتفاضة، هي بالتالي نتيجة منطقية لهذا الإنغلاق الصهيوني الأمريكي، والنأي عن سبل التسوية والسلام، واختيار التوسع والاستيطان وإنكارًا للحقوق الوطنية والقومية الفلسطينية.

لذا من يتوقع أن التسهيلات الإقتصادية والحلول الاسترضائية التي لوحّت بها صفقة القرن برعاية الولايات المتحدة ورئيسها ترامب، كفيلة بوقف هبة أو غضبة الشعب الفلسطيني فإنه واهمٌ ويُعد ضربًا من ضروب الخيال الصهيوني الأمريكي.

سوف يتواصل الكفاح الوطني للشعب الفلسطيني بأشكاله المتعددة وألوانه المتنوعة، ردًّا على هذه المواقف المتخلفة عن فهم الواقع، ولن يعدم الوسيلة عن الإبداع في تطوير أشكال نضاله رغم ظروفه الصعبة، سواء على أرض الواقع، أو في الساحة السياسية والدبلوماسية الدولية، التي باتت أيضًا تضيق ذرعًا بسياسات الإحتلال، وبرؤى الرئيس ترامب المعبر عنها (بصفقة القرن للتسوية)، والذي هو أيضًا جاء أسيرًا لعقلية التفكير الصهيونية المتطرفة، فمتى تخرج هذه العقلية الصهيونية الأمريكية من ((الصندوق)) وتنظر إلى الحقائق الموضوعية الواقعية على الأرض وعلى مستوى السياسة الدولية؟!

عندها فقط سوف تصبح الطريق سالكة للتوصل إلى تسوية أو سلام يحقق الحد الأدنى من متطلبات وحقوق الشعب الفلسطيني، ويحقق الأمن والسلام للمنطقة وللعالم.