تقرير: الحارث الحصني
كانت الأمور الحياتية عند المواطنين في المضارب البدوية بالأغوار الشمالية هذه الأيام ستسير بشكل اعتيادي، لو كانت شبكة الطرق أفضل مما هي عليه الآن، لكنها أصبحت "موحلة"، بفعل الأمطار.
ورغم كل المحاولات الرسمية لمجلس قروي المالح والمضارب البدوية، تاريخيا استصلاح أي منها، إلا أن المجلس خرج منها "بخفي حنين" بسبب منع الاحتلال ذلك.
وبعدم سماح الاحتلال ترميم أي طريق، وغرق الأرض بالمياه، وما نتج عنه من حدوث فيضانات، فإن الحياة أصبحت هنا صعبة جدا.
المواطن محمود كعابنة يبعد عن الشارع الرئيسي في منطقة أم الجمال، نحو 700 متر، والطريق التي توصل خيامه، ترابية ينتصفها وادٍ يزداد جريانه كلما كانت الأمطار قوية. يقول: "لا أحد يستطيع التحرك في المطر(..)، الآن كل العائلة في الخيام".
قبل سنوات، دمر الاحتلال مقطعا من الوادي الذي يعتبر جزءا أصيلا من الطريق، وازدادت الأمور سوءا لدى المواطنين فيما يتعلق بحركتهم. "من لم يمتلك جرارا زراعيا لن يستطيع التنقل" يضيف.
في عام 2015، دمر الاحتلال طريقا مفروشة بمادة "البسكورس"، وهي مادة تفرش في الطرق كي لا تصبح موحلة، تصل خربة الحديدية، والمناطق القريبة منها بالشارع الرئيسي.
يقول عبد الرحيم بشارات، الذي يسكن في المنطقة منذ مدة طويلة "بعدما جرف الاحتلال مادة "البسكورس"، عدنا للطريق الترابية من جديد، التي يصبح التعامل معها شتاء أمرا شبه مستحيل.
ويضيف: "لا آلية تستطيع السير فيها غير الجرارات، سينقص علينا الغذاء، وتنشل حركتنا اليومية".
قبل 30 عاما، سكن عايد زواهرة منطقة "الميتة" بالأغوار الشمالية قريبا من الشارع الرئيسي، لكن الاحتلال ظل يلاحقه وينفذ بحقه عمليات الهدم حتى بات بعيدا عنه، يقول: "الطرق من سيء لأسوأ".
ففي مناطق مفتوحة كالأغوار، التي يمنع فيها الاحتلال إقامة أي بنى تحتية، تكون شبكة الطرق الرابطة بين التجمعات السكانية بالغالب ترابية، يمنع الاحتلال إعادة تأهيل أي منها فتصبح أسوا مما كانت عليه.
ويصطحب زواهرة والدته إلى الطبيب في مدينة طوباس بشكل دائم؛ يقول إن وصولها إلى الشارع الرئيسي فيه مشقة كبيرة، وأحيانا يكون مضطرا لنقلها بجرار زراعي، ما يضاعف من ألمها.
ويشير زواهرة إلى إنه يضطر أحيانا لترك جراره لأيام حتى يجف من الوحل كي يستطيع تحريكه، فهي طرق فقط للدبابات، حيث يعمد الاحتلال تدميرها أثناء تحركات آلياته الثقيلة المشاركة في التدريبات العسكرية.
"عند اشتداد المطر تصبح الطرق خطرة، فنضع مركباتنا عند جانب الطريق دون رقيب، ثم نأتي بالجرارات الزراعية إلى الخيام" يتابع.
وبالنسبة لكعابنة، فإن مرض أحد أفراد عائلته، سيضعه في مأزق كبير، فلا يمكنه السير بمركبته في الطريق التي تربطه مع الشارع الرئيسي، كونها منحدرة وموحلة في الشتاء، ويقسمها واد، والأمر ذاته إذا ما أراد جلب حاجيات منزلية، وحياتية، وهنا فإن الدواب هي أفضل وسيلة لقطع الطريق، يقول كعابنة.
هذا ليس كل شيء، فالجرارات التي تسير في الطرق معرضة لخطر التزحلق باستمرار، كون التربة ملساء في أم الجمال.
مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" قال، إن الاحتلال يسعى إلى إلغاء الوجود الفلسطيني في منطقة الأغوار ومنع أيّ تطوير فلسطيني في المنطقة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها