يرتكز المشروع الاستعماري الاحتلالي الصهيوني على الهجرة والتهجير، هجرة اليهود من اجناس واعراق وجنسيات دول العالم الى فلسطين، وتهجير الشعب الفلسطيني من أرض وطنه التاريخي والطبيعي فلسطين، لذا فإن سلطة النظام العنصري في تل ابيب لا توفر أي فرصة يمكن استغلالها لتهجير اصحاب الأرض حتى لو كان فردا واحداً.. فكيف اذا تعلق الأمر بمئة واثنين وتسعين طفلا فلسطينيا مصنفون وفقا للقانون الدولي ضحايا جريمة بحق الانسانية، ولكن هذه المرة تحت يافطة ( التبني والرعاية الانسانية ).
192 طفلا فلسطينيا انتزعهم الغزاة الطغاة من هويتهم وأرض وطنهم ، وتم منحهم كهدايا لمؤسسات ومنظمات ومراكز رعاية وتبنّ في السويد، حوالي مئتي طفل لم يحملوا اسماء آبائهم او أمهاتهم الفلسطينيين، لأسباب تتعلق بظروف ولادتهم أو ظروف التخلي عنهم، لكنهم كانوا نزلاء في مراكز تبني ورعاية تابعة لما يسمى وزارة الرفاه الاجتماعي الاسرائيلية ، ما يعني مسؤولية سلطات تل أبيب المباشرة عن مصائرهم ، وتأمين حقوقهم في الحياة في بيئات سليمة فكريا وثقافيا وصحيا ونفسيا وماديا طالما انهم قد اصبحوا بعهدة الدولة من اللحظة الأولى لدخولهم مراكز رعايتها .
أعاد النائب في الكنيست الدكتور احمد الطيبي ملفات هذه الجريمة الى الاذهان وطرحها بقوة في بيان قبل يومين بعد اثارة القناة الـ13 الاسرائيلية ملف الاطفال الـ192 في برنامج ( ضائعون ) كانت مراكز رعاية تابعة لما يسمى وزارة الرفاه الاجتماعي الاسرائيلية المتهمة بارتكاب مخالفة للقانون غير مسبوقة إذ يُلزم القانون الاسرائيلي أن تكون العائلة الحاضنة أو المتبنية من نفس دين الطفل المتبنى .. فالأطفال حسب تقرير البرنامج ( مسلمون ) وقد اعترف ياريف لفين الوزير المنسق بين الحكومة والكنيست بهذه المخالفة بعد طلب النائب الطيبي باستجواب مسؤولين عن هذه الجريمة .فبرر الوزير لفين جريمة حكومته (بحسن النية ) وادعى ان الوزارة كانت تسعى لضمان حياة عائلية لهم، وأن قرار نقلهم إلى السويد كان بسبب عدم قانونية الخطوة في إسرائيل " .
كبر الأطفال وصاروا رجالا ذلك أن الجريمة التي رفع عنها الستار كانت خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ، ما يعني أن الدولة الناقصة اسرائيل قد اغتالت 192 فلسطينيا لكنها ابقتهم على قيد الحياة ، ولكن بالتأكيد مقابل ثمن وليس أي ثمن ! ، وهذا ما يجب على مؤسساتنا المختصة تعقبه حتى معرفة كل تفاصيل الجريمة ، فما حدث كان مجزرة حتى لو كان ضحاياها مازالوا على قيد الحياة .
صار الضحايا راشدين وبإمكان كل واحد منهم اختيار عقيدته وهو بكامل وعيه وقدراته العقلية ، لكن السؤال الأهم الآن ماذا سيكون رد فعل كل واحد منهم عندما يعلم انه في الأصل ولد فلسطينيا ، وان مؤسسة تابعة لوزارة في حكومة دولة الاحتلال ( اسرائيل) قد نفته بينما كان صغيرا لا يقوى على تقدير الأمور ، ولا يدرك تماما ما يحدث حوله ، فهل تراه سينتصر لهويته الوطنية ، ويبدأ رحلة البحث والعودة الى أصوله ، أم تراه سيكون الرسالة الانسانية بين مجتمع شعبه الأصلي الذي كان يفترض ان يكون بيئته وحاضنته الطبيعية ، وبين مجتمع ابويه الجدد اللذين استجابا لنداء الانسانية في نفسيهما وتبنياه .
قضية ( 192 ) طفلا مرتبطة وثيقا بصراع وجودي ، وبخوف اصحاب المشروع الصهيوني من ديمومة ونمو الشعب الفلسطيني على أرض وطنه فلسطين ، فملف الجريمة يمكن اخذها الى منصات القضاء الدولي ، والى منابر المنظمات المعنية بحقوق الانسان ، والى شاشات الفضائيات الاخبارية والثقافية ، ومواقع الاتصال والتواصل والإعلام والثقافة والسينما ، هنا ستكون لدينا ( 192) قصة ، اسرائيل هي عنصر الشر فيها ، وهذا واضح ولا نقاش ولا جدال فيه ، لكن اذا أردنا أن نكون نحن عنصر الخير ، فعلينا الاجابة اولا عن سؤال : لماذا تركنا 192 طفلا فلسطينيا في مراكز رعاية تابعة لوزارة في حكومة في دولة ندرك جيدا أنها لاتتمنى فناء الفلسطينيين عن بكرة ابيهم وحسب، بل تسعى لمحو اسمهم واسم ارض وطنهم فلسطين من ذاكرة العالم ومن صفحات كتب المعرفة والعلوم والجغرافيا والتاريخ وعلى رأسها الكتب المقدسة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها