اشتهر عدد من المبدعين في السينما والغناء والشعر والنثر بأسماء أدبية أو فنية أو مستعارة اختاروها لأنفسهم أو اختيرت لهم لأسباب سياسية أو اجتماعية أو اعلامية تسويقية أو غيرها، فالفنانون والفنانات المشهورون عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وفيروز وأسمهان وصباح وسعاد حسني يجهل الملايين من عشاقهم من العرب والأجانب أسماءهم الحقيقية.
عرف الأدب العربي أسماء مستعارة أو أسماء أدبية لعدد من المبدعين المشهورين، ففي مصر برز اسم "بنت الشاطئ" الأديبة والناقدة والباحثة والأستاذة الجامعية عائشة عبد الرحمن مؤلفة "التفسير البياني للقرآن" و"الحياة الانسانية عند أبي العلاء" كما اشتهر اسم "أدونيس" الشاعر والأديب اللبناني السوري الأصل علي أحمد سعيد أسبر صاحب "أغاني مهيار الدمشقي" و"الثابت والمتحول"، وقد أطلق عليه هذا الاسم أنطون سعادة مؤسس الحزب القومي السوري، وأدونيس هو إله الجمال والخصب والانبعاث عند الفينيقيين وهو تموز عند البابليين.
إن الأوضاع السياسية الحالكة المضطربة التي مرت بها بعض الشعوب والبلدان في آسيا وأميركا الجنوبية وعدد من الدول الأوروبية ساهمت في ميلاد الأسماء المستعارة وانتشارها. وقد ظهرت أسماء مستعارة أو أسماء أدبية في عدد من الأقطار العربية وليدة الظروف السياسية والاجتماعية القاسية مثل "الأخطل الصغير" و "بدوي الجبل" و"وديع فلسطين" وآخرين.
ولو راجعنا الصحف والمجلات الوطنية في الجليل والمثلث في فترة الحكم العسكري الجائر الذي فرضته حكومات إسرائيل على المواطنين العرب الذين بقوا منغرسين في وطنهم لَوَجَدْنا العديد من الأسماء المستعارة في هذه الصحف وبخاصة في صحيفة "الاتحاد" ومجلتي "الجديد" و"الغد" حيث كانت الكتابة في هذه الصحف تعرض الكاتب للمساءلة والملاحقة.
ومن أشهر الأسماء الأدبية في الداخل الفلسطيني اسم "جهينة" الذي وقع به الأديب والصحافي الكبير إميل حبيبي زاويته "أسبوعيات" صباح كل يوم جمعة طيلة عقود في صحيفة "الاتحاد" والتي كان ينتظرها القراء بفارغ الصبر، وأظن أن أبا سلام اختار هذا الاسم ليقول لقرائه "وعند جهينة الخبر اليقين"، وأما المؤرخ والمفكر الكبير إميل توما فقد وقع العديد من مقالاته ودراساته في صحيفة "الاتحاد" ومجلة "الجديد" باسم جابر الكرملي أحيانا وباسم ابن خلدون أحيانا أخرى وأعتقد أنه اختار ابن خلدون لإعجابه بالمؤرخ والفيلسوف الاجتماعي وبمقدمته الشهيرة لكتاب "العبر" التي أرسى فيها علم الاجتماع. ومن المؤكد أن اختيار الاميلين هذه الأسماء لا يعود الى أسباب سياسية أو اجتماعية أو اعلامية.
وأما الأديب مارك توين أشهر كتاب أميركا في القرن التاسع عشر وصاحب الرواية الشهيرة "مغامرات توم سوير" فاسمه الحقيقي صمويل لانجهورن كليمنس ويرجح أنه اختار هذا الاسم المستعار لأسباب اجتماعية لأن قصصه الأولى كانت ساخرة جدا.
ومن الطريف أن الروائي الانجليزي جورج أورويل مؤلف الروايتين الشهيرتين "مزرعة الحيوانات" و "1984" واسمه الحقيقي أرك بلير قد اختار هذا الاسم المستعار بعد ان اتفق مع احدى دور النشر على تأليف كتاب يوثق فيه حياته في فترة الشباب فقد كان يومئذ عامل طوارئ بلا بيت كما وصف نفسه "إنسان مخوزق ومرمي في شوارع باريس ولندن" ولم يشأ الإساءة الى عائلته.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها