يبدو رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في منظر اللحظة الأخيرة ، كشخص واثق جدًّا بنفسه قرر قفزة رأسية من علو إلى بحيرة مائية، لكنه وبسبب قصور بصيرته بسبب نزعته الاستكبارية لم يستطع التمييز، فهوى ليعلق عكسيا، رأسه في القاع وقدماه معلقتان في الهواء.
فشلت مفاوضاته مع جنرالات حزب (كاحول – لافان) وأغلقت آخر طريق يؤدي نحو كرسي رئاسة الحكومة، حتى وإن قرر تفريغ حمولة كتل اليمين المتطرف الثقيلة جدا التي حزمها على ظهره وقرر خوض معركة الربع ساعة الأخيرة التي قد تحدد مصيره السياسي، ومصير ملفه القضائي، وربما يقرر حل وثاقه مع اليمين المتماثل معه بالتطرف والإرهاب، حتى لا يجد نفسه في طريق لقصير جدا ليس في نهايته إلا باب السجن.
يجلب أمثال نتنياهو المستكبر المصائب لأنفسهم تباعا، وقد يكون أشدها التي صنعوها في بيوتهم وكنف عائلاتهم، ونعتقد في هذا السياق أن يائير إبن نتنياهو الى جانب زوجته ساره قد وجها له لكمتين في خضم جولاته السياسية الأخيرة التي مني بها بخسائر فادحة وتحديدا عندما فشل بتشكيل حكومة بعد انتخابات الكنيست الـ22 الأخيرة.
يتحمل نتنياهو المتغطرس نتائج هيجان دماغه السياسي، وركضه كثور هائج بكل اتجاه يناطح على كل الجبهات، أما عائلته فليست وحدها التي تجلب له المشاكل وتزيدها تعقيدا، لكن سلوك ابنه يائير أمام لجنة تحقيق حول ملفات فساد متهم بها والده تبين مدى الانحطاط الذي وصلته حياة نتنياهو الاجتماعية، والتي يمكن تفسيرها كانعكاس لانحطاط مستوى حياته السياسية، وابتداء ظهور نبت الدكتاتورية الشخصية الاستعلائية الذي زرعه ليس في تربة المجتمع السياسي الاسرائيلي وحسب، بل في غرف بيت عائلته.
يائير بنيامين نتنياهو وجه كلاما للجنة التحقيق الاسرائيلية لو أن واحدا من أعتى الساسة في العالم قاله لقلب نظام تل ابيب الدنيا على رأسه واتهموه بمعاداة السامية، وربما طلبوه مخفورا ليتم محاكمته في اسرائيل!! لكن بما أن الفاعل هو الابن المدلل لدكتاتور عنصري فاسد، فإنه لم ينل أكثر من العتاب واللوم.
يائير نتنياهو أهان مؤسسات (دولة والده) عندما اعتبر الشرطة الإسرائيلية التي تحقق مع والده كالشرطة السرية النازية الألمانية "غستابو" وأخذ ينبش معلومات عن أشخاص في مواقع متقدمة في أحزاب إسرائيلية لايمكن إلا لرئيس الوزراء الإسرائيلي الحصول عليها من أجهزته الأمنية وتحديدا اذا كان المقصود غدعون ساعر منافس نتنياهو في الليكود، فبدا الأبن كشمشون صغير يعمل على هدم المعبد على من فيه، متهما ساعر بـ"اغتصاب سكرتيرته، وترقيتها بمنصب لإسكاتها" أما نير حيفتس الشاهد الملك في ملف فساد نتنياهو فوصفه الشمشون الصغير بـ"الحثالة"، وزاد عليها تهمة من العيار الثقيل إذ كشف أن حيفتس "قتل جنديا إسرائيليا وسحب جثته إلى سكة قطار من أجل تشويهها لإخفاء جريمته"، ثم وجه كلامه للمحقق: "هذا هو شاهدكم الذي تعتمدون عليه".
بات واضحا أن ابن نتنياهو أصيب بعدوى العداء للصحافة من عمه الأكبر (دونالد ترامب) ولم يتورع عن وصف الصحافة الاسرائيلية بـ"النفايات".
لا يتوقعن عاقل من رئيس وزراء حكومة احتلال استعماري استيطاني عنصري إلا ان تكون ذريته على منواله في الاستكبار والاستعلاء، ليس تجاهنا وحسب بحكم صراعنا مع دولته باعتبارها قوة احتلال، بل تجاه المجتمع الإسرائيلي الذي لن ينجو من هيجان زعيم اليمين الارهابي، عندما يريد بلوغ أهدافه الخاصة، ولعل قتل اسحاق رابين أعظم دليل على صحة رؤيتنا لطبيعة العلاقات الناظمة للمجتمع السياسي الاسرائيلي الصهيوني، إذ ليس أسهل من دفع الآخر إلى الهاوية وسحقه اذا لمسوا منه توجها أو رأوه متوجها في سبيل متعارض مع مشروعهم الشخصي والسياسي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها