خلال اليومين الماضين أخذت الجوقة الإعلامية الإسرائيلية من المراسلين والمحللين العسكريين الإسرائيليين في العزف بشكل جماعي والتحذير من دراماتيكية وخطورة الوضع الأمني في إسرائيل وأنه هش، وكتب بعضهم أنه ينتظرهم سيناريو مفزع، وذلك على إثر العرض الاعلامي الذي قدمه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي الأربعاء الماضي للمراسلين العسكريين، وعرض خلاله الخطة الجديدة للجيش الإسرائيلي “تنوفاه”، والتي أطلق عليها اسم القوة الدافعة – الزخم، وحلت مكان خطة “غدعون”، التي وضعها رئيس أركان الجيش السابق، غادي آيزنكوت.
ووفقا لـ كوخافي أن الخطة الجديدة متعددة السنوات للجيش الإسرائيلي، تشمل شراء معدات قتالية ذات قدرة تدميرية، وتحسين الوسائل الدفاعية، للتصدي للطائرات المسيرة في المنطقتين الشمالية والجنوبية، وأن عملية صياغة الخطة الجديدة التي سيتم تنفيذها خلال السنوات الخمس القادمة.
وبحسب الخطة فقد قسم الجيش مفهوم القتال الجديد إلى ثلاثة أجزاء: الأول هو مناورة متعددة الأبعاد، ويشمل قدرات استخبارية، جوية، تحت الأرض، سايبر، وحرب إلكترونية، الجزء الثاني يشمل توجيه ضربات متواصلة ودقيقة وواسعة، وليس ضربة أولى شديدة؛ الجزء الثالث يتعلق بالدفاع المتعدد الجوانب، ويشمل عقبات ودفاع جوي وسايبر، بحيث يكون الجيش الإسرائيلي قادرا على مواجهة عدو منتشر في مناطق مأهولة ومسلحا بقذائف صاروخية كثيرة.
كوخافي قال خلال العرض، أن الوضع في القطاعين الشمالي والجنوبي هش ومتوتر، وحذر من احتمال الانزلاق إلى حرب خلال الفترة المقبلة، في ظل التغيرات الإقليمية الحاصلة، وإن إسرائيل تواجه عددًا كبيرًا من الجبهات والأعداء في الوقت نفسه، وقد يتدهور إلى صراع، على الرغم من أن أعدائنا لا يرغبون في خوض حرب.
وأن التحدي الإستراتيجي الرئيسي لإسرائيل يكمن في الساحة الشمالية، ويتمثل في تموضع القوات الإيرانية وفي برنامج تطوير دقة صواريخ حزب الله، وأنه في كلتا الحالتين، إنها جهود تقودها إيران باستخدام أراضي حكومات ضعيفة وغير قادرة على السيادة والحكم، ومنذ سنوات طويلة، استولى حزب الله على لبنان، وأنشأ جيشه الخاص، وهو الذي يحدد بالفعل سياسات لبنان الأمنية.
على الرغم أن تصريحات كوخافي ليس دراماتيكية، وهي تصريحات مكررة منه ومن سبقه في رئاسة الأركان ومسؤولين سياسيين إسرائيليين تطلق عادة في مواجهة إيران وحزب الله وقطاع غزة، وهي لازمة الجيش الإسرائيلي لزيادة ميزانيته.
وقد فسر بعض المحللين الإسرائيليين تحذيرات كوخافي أنها تتزامن مع قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، انسحاب القوات الأميركية من سورية، والخروج التدريجي للقوات الأميركية من منطقة الشرق الأوسط، وعدم الرد المباشر على الهجوم الذي تنسبه الولايات المتحدة وإسرائيل لإيراني، والذي استهدف منشآت نفطية سعودية.
في المقابل يرى بعض المحللين انها لا تضيف شيئا، وان تحذيراته تأتي في ظل استعصاء الأزمة السياسية وعدم القدرة على تشكيل الحكومة التي تمنع إقرار ميزانية الجيش والخطط العسكرية، ووفق القواعد السائدة في الجيش الإسرائيلي، فإن على رئيس أركان الجيش، وخلال السنة الأولى من ولايته، أن يقدم خطة متعددة السنوات كهذه، وبين أهدافها ملاءمة رؤية الجيش للأوضاع الأمنية المستجدة والمتوقعة.
وكما هو معلوم فإنه منذ بداية ولاية كوخافي، مطلع العام الحالي، جرت انتخابات الكنيست مرتين وكانت نتائجها الفشل في تشكيل حكومة، ولا تزال إسرائيل تعيش أزمة سياسية مستعصية وسط توقعات بالتوجه إلى جولة انتخابية ثالثة في الربع الأول من العام القادم، ومع استمرار الأزمة السياسية وبقاء حكومة انتقالية لن يكون بإمكانها إقرار ميزانيات، وخطة متعددة السنوات أيضاً.
كوخافي لا يريد أن تستمر الحرب القادمة مدة قد تتجاوز 51 يومًا كما استمر العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، أو حتى 34 يوما كما جرى الحال في حرب لبنان الثانية تموز 2006، وخطته المذكورة والذي انتفض المحللون والمراسلين العسكريين الإسرائيليين للتحذير من هشاشة الوضع الأمني الإسرائيلي وانه مفزع، يسعى من خلالها للضغط من أجل اضافة ميزانيات جديدة للجيش.
يبدو أن المراسلين العسكريين يستدعوا الحب بناء على الخطة القائمة على استهداف المدنيين في قطاع غزة ولبنان بزعم حسم الحرب، وكل منطقة تعبر هدف واحد كبير، لارتكاب جرائم حرب، ويبدو أن كوخافي كان في حالة هوسٍ أثناء بلورتها، وفي حينه وصف عاموس هرئيل واليكس فيشمان الفجوة بين رؤية نتنياهو وكوخافي يان هذا مفهوم يعبر عن هلع سياسي من جانب المستوى السياسي وخوف من اجتياح بري، وخسائر بشرية، لا تبدو جيدة أمام العالم.
هؤلاء المحللون هم أنفسهم اللذين انتقدوا الخطة وتسألوا عن مدى نجاح تطبيقها والفجوات بين رؤية نتنياهو للعام 2030، يعلق آمالا على قوات البرية، وإنما على ضخ ميزانيات طائلة إلى سلاح الجو، ومنظومات إطلاق النار الدقيقة (صواريخ)، والاستخبارات والسايبر، ورؤية كوخافي هي ضربة قاضية في الجولة الأولى، التي تعني تصفية جسدية، عنيفة، خلال وقت قصير، بوتيرة مئات القتلى للعدو يوميا، وبحيث تكون النتيجة واضحة لجميع الأطراف.
في ظل ما سبق هل الوضح الأمني في إسرائيلي هش، التخويف من جبهة غزة، ام هي استدعاء الحرب، وقول بعض المحللين إن حماس غير معنية بمواجهة جديدة، إلا أن حركة الجهاد الإسلامي تحاول اتباع سياسة خاصة بها، وربما تحاول التخطيط لعملية أو استئناف إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها