لو أثقل المرء على نفسه ومرّر بؤبؤ عينيه على ومضات أسطر السيرة الذاتية لجيسون غرينبلات لن يجد ضلوع الرجل بالتاريخ أو علم الاجتماع ولا حتى السياسة.. ما يجعل المرء يتساءل كيف يفكر غرينبلات هذا؟ حتما ستصل لنتيجة لن تختلف فيها مع أولبريت وفرويد بأنَّ الرجل يفكر بشيء وينظر لشيء آخر..
لقد وصف إسرائيل بالضحية وانها لم تخطئ بحق الفلسطينيين ، لا يحتاج الامر لاجتهاد اذا عرفنا ان هذه العبارات لم تأت بهذا الوضوح بأي من مذكرات رؤساء ومسؤولي الادارات الامريكية السابقة، بل ولا في مذكرات القادة الصهاينة !!! فمن أين ينظر هذا الرجل لملفات مكتبه وهل أصبح اتجاه بوصلته جنوبا بدل الشمال؟ وإن جاز لنا سؤاله ما رأيه بمواقف اعترف فيها المجرم بما جنت يداه؟ فهل ستبرئه يا جيسون ؟ هل قرأت تقرير صحيفة هآرتس عن مؤرخين علماء إسرائيليين احدهم تلقى علومه بالجامعة التي تخرجت أنت منها .. والذين اثبتوا إخفاء إسرائيل لمئات الوثائق التي تدينها بارتكاب ليس فقط "أخطاء" هذا المصطلح الناعم بل جرائم بحق الفلسطينيين...
هل تؤمن بالمنهج العلمي إن كنت تفتخر بما تسمونها بأمة الأمم عندما نقدم لك نتائج لجان التحقيق التي شكلت عقب مجازر صبرا وشاتيلا وقتل الأحياء الأسرى في ما أسموه الإسرائيليين عملية الباص 300  ومجزرة الحرم الإبراهيمي ومجزرة عيون قاره .. لا لا اقصد لجان فلسطينية ولا أممية بل لجان إسرائيلية بحتة؟ باختصار وانا مستعد يا غرينبلات أن أزودك بتقارير هذه اللجان والتي جميعا أدانت إسرائيل بأكثر من الخطأ .. فهل ستدافع عن الذين إدانتهم هذه اللجان؟ وفي جميعهم كانت إدانة للمؤسسة الرسمية الإسرائيلية وهذه الأحداث واللجان مثالا لا حصرا.. لا تتوقع يا مستر جيسون أن يكتب عنك التاريخ انك بمفهومك هذا كنت بطلا .. لقد وصف مؤرخو حاضر القرن الثاني عشر الميلادي بويهمند وتنكرد وبلدوين بانهم أبطال بما فعلوه بالقدس ..
لكن الم يلعنهم مؤرخو أبناء جلدتهم فيما بعد؟ الم تقرا كيف كان أهل قشتاله وليون قد أهلوا واستهلوا بأبطال محاكم التفتيش بغرناطة وريفها وبعد قرون أنت وأبناء جلدتك وصفتوهم بالمجرمين؟ أنت تكرر منطق القياس فأنت بخانة القوة تقل ما شئت ولكن عندما تمر السنين وينتصر حلم الحق على ارض السلام سينعتك أحفادك وأحفاد قادة إسرائيل بما أسستم من ثقافة الحقد والكراهية تجاه شعب كان ضحية مشروع صهيوني هو بالأصل استعماري، ولتسأل عن ذلك نابليون وبالمرستون وموشي هس ... الخ
وكديدنكم الذي يحمل العصا متخفيا بثقافة الديمقراطية إلا على الفلسطينيين..  فحتما ستوصف كل من يقل كلمات كشف الباطل والدفاع عن الحق حتى لو بالإثبات العلمي بأنه معاد للسامية.. فهي اقصر الطرق لرمي من افطر معك على مائدة وأكل من صحن الجبنة البيضاء بدل الصفراء.